و«من» (١) داخلة عليه على حد دخولها على غيره من التمييزات لتعريفه.
قوله : «يمشون» حال من «القرون» ، أو من مفعول «أهلكنا» (٢) والضمير على هذين عائد على القرون المهلكة ، ومعناه (٣) : إنّا أهلكناهم وهم في حال أمن ومشي وتقلّب في حاجاتهم كقوله : (أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً)(٤) ويجوز أن يكون حالا من الضمير في «لهم» ، والضمير في «يمشون» على هذا عائد على من عاد عليه الضمير في «لهم» وهم المشركون المعاصرون لرسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والعامل فيها «يهد» (٥). والمعنى : إنّكم تمشون في مساكن الأمم السالفة وتتصرفون في بلادهم فينبغي أن تعتبروا لئلا يحلّ بكم ما حلّ بهم (٦).
وقرأ ابن السميفع «يمشّون» مبنيّا للمفعول مضعفا (٧) ، لأنه لما تعدّى بالتضعيف جاز بناؤه للمفعول.
فصل
المعنى : أو لم (٨) نبيّن القرآن أو ما تقدم من المقادير (٩) لكفّار مكة (كَمْ (١٠) أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) ديارهم إذا سافروا. والخطاب لقريش كانوا يسافرون إلى الشام ، فيرون ديار المهلكين من أصحاب الحجر ، وثمود ، وقرى (١١) لوط (١٢)(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) لذوي العقول. ثم بيّن تعالى الوجه الذي لأجله لا ينزل العذاب معجلا على من كفر بمحمد ـ عليهالسلام (١٣) ـ فقال : «ولو لا كلمة سبقت من ربّك لكان لزاما وأجل مسمّى» (وفيه تقديم وتأخير) (١٤) ، والتقدير : ولو لا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان لزاما (١٥).
والكلمة في الحكم بتأخير العذاب عنهم أي : ولو لا حكم سبقت بتأخير العذاب عنهم (وَأَجَلٌ مُسَمًّى) هو القيامة ، (وقيل : يوم بدر) (١٦)(١٧). قوله : (وَأَجَلٌ مُسَمًّى) في رفعه وجهان :
__________________
(١) في ب : على دخوله عليه ومن. وهو تحريف.
(٢) انظر التبيان ٢ / ٩٠٨ ، البحر المحيط ٦ / ٢٨٩.
(٣) في ب : ومعنى. وهو تحريف.
(٤) من قوله تعالى : «فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ» [الأنعام : ٤٤]. وانظر التبيان ٢ / ٩٠٨ ، البحر المحيط ٦ / ٢٨٩.
(٥) انظر التبيان ٢ / ٩٠٨ ، البحر المحيط ٦ / ٢٨٩.
(٦) في ب : ما أحلّ.
(٧) المختصر : (٩٠) ، البحر المحيط ٦ / ٢٨٩.
(٨) في ب : إذا لم. وهو تحريف.
(٩) في ب : التعادم.
(١٠) في ب : ثمّ. وهو تحريف.
(١١) في الأصل : وقريات. وهو تحريف.
(١٢) انظر البغوي ٥ / ٤٦٧.
(١٣) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٤) ما بين القوسين سقط من ب. وفيه : والكلمة هي الحد.
(١٥) في الأصل كررت الآية بدون تقدير التقديم والتأخير انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٣٢ ـ ١٣٣.
(١٦) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٣٣.
(١٧) ما بين القوسين سقط من ب.