فصل (١)
«احتجوا (٢)» (٣) بقوله : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً)(٤) على أن الإيمان غير العمل ، لأنه عطف العمل على الإيمان ، والمعطوف غير (٥) المعطوف عليه.
أجاب الكعبي (٦) : بأنه تعالى فرق بين التوبة والإيمان ، والتوبة من الإيمان فكذلك العمل الصالح يكون من الإيمان وإن فرق بينهما.
وهذا الجواب ضعيف ، لأن عطف الإيمان على التوبة يقتضي المغايرة بينهما (٧) ، لأن التوبة عزم على الترك ، والإيمان إقرار بالله ، وهما متغايران ، فكذلك في هذه الصورة (٨).
ولما بيّن (٩) وعيد من لم يتب بيّن أن من تاب وآمن وعمل صالحا فلهم الجنة ولا يلحقهم ظلم.
وهنا (١٠) سؤالان (١١) :
السؤال الأول : الاستثناء دل عل أنه لا بدّ من التوبة (١٢) والإيمان والعمل الصالح ، وليس الأمر كذلك ، لأن من تاب عن الكفر ولم يدخل وقت الصلاة أو كانت المرأة حائضا فإن (١٣) الصلاة لا تجب عليه ، وكذلك الصوم والزكاة فلو مات (١٤) في ذلك الوقت كان من أهل النجاة مع أنه لم يصدر عنه عمل ، فلم يجز توقف الأجر (١٥) على العمل الصالح.
والجواب (١٦) : أن هذه الصورة نادرة ، والأحكام إنما تناط بالأعم (١٧) الأغلب.
السؤال الثاني : قوله : (وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) يدل على أن الثواب مستحق بالعمل لا
__________________
ـ وحجة من قرأ «يدخلون» بالبناء للفاعل ، أضافوا الفعل إلى الداخلين ، لأنهم هم الداخلون بأمر الله تعالى لهم ، دليله قوله : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) [الأعراف : ٤٩].
السبعة (٢٣٧ ـ ٢٣٨) ، الحجة لابن خالويه (١٢٧) ، الكشف ١ / ٣٩٧ ، ٣٩٨ ، النشر ٢ / ٢٥٢.
(١) فصل : سقط من ب.
(٢) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٣٦.
(٣) ما بين القوسين في ب : فإن قيل : احتجوا.
(٤) وآمن سقط من ب.
(٥) المعطوف غير : سقط من ب.
(٦) في ب : فالجواب عنه ذكر الكعبي. والكعبي هو : سليمان بن يزيد بن قنفذ ، أبو المثنى الخزاعي ، روى عن سالم بن عبد الله بن عمرو ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وغيرهما ، وروى عنه داود بن قيس الفراء ، وعبد الله بن وهب ، وغيرهما ، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ١٢ / ٢٢١.
(٧) بينهما : سقط من ب.
(٨) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٣٦.
(٩) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٣٧.
(١٠) في ب : فإن قيل : وههنا.
(١١) في ب : سؤلان.
(١٢) في ب : دال على أن التوبة لا بد منها.
(١٣) إن : سقط من ب.
(١٤) في النسختين : تاب. والصواب ما أثبته.
(١٥) في الأصل : الأمر.
(١٦) في ب : فالجواب.
(١٧) في ب : بالأهم ، وهو تحريف.