فصل (١)
دلّت الآية على وجوب تعلم علم (٢) الأصول ، لأن قوله : (فَلا يَصُدَّنَّكَ) يرجع معناه إلى صلابته في الدين ، وتلك الصلابة إن كان المراد بها (٣) التقليد لم يتميز المبطل فيه عن المحق ، فلا بد وأن يكون المراد بهذه الصلابة كونه قويا في تقرير الدلائل ، وإزالة الشبهات حتى لا يتمكن الخصم (٤) من إزالته عن الدين بل يكون هو متمكنا من إزالة المبطل عن بطلانه.
(فصل (٥))(٦)
قوله : (فَلا يَصُدَّنَّكَ) يدل على أن العباد هم الذين يصدون (٧) ، ولو كان تعالى هو الخالق لأفعالهم لكان هو الصّادّ دونهم ، فدل ذلك على بطلان القول بالجبر (٨). وأجيب بالمعارضة بمسألة (٩) العلم (والداعي) (١٠)(١١). ثم (١٢) قال تعالى : (وَاتَّبَعَ هَواهُ) والمعنى أن منكر البعث إنّما أنكره اتباعا للهوى لا للدليل ، وهذا من أعظم الدلائل على فساد التقليد (١٣) ، لأن المقلّد متبع للهوى (لا للحجة) (١٤)(١٥) ثم قال : «فتردى» أي : فتهلك.
قوله تعالى : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (١٧) قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى (١٨) قالَ أَلْقِها يا مُوسى (١٩) فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى (٢٠) قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى)(٢١)
قوله تعالى (١٦) : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ) الآية (١٧). (ما) مبتدأة (١٨) استفهامية و(تلك) خبره ، و«بيمينك» متعلق بمحذوف ، لأنه حال كقوله : (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً)(١٩) ، والعامل
__________________
(١) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣.
(٢) علم : سقط من ب.
(٣) بها : سقط من ب.
(٤) في ب : الشخص. وهو تحريف.
(٥) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣ ـ ٢٤.
(٦) ما بين القوسين سقط من ب.
(٧) في ب : هم المصدون.
(٨) قاله القاضي.
(٩) في ب : بمنزلة.
(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣. والمراد بمسألة العلم ما عارض به أهل السنة المعتزلة وهو العلم الإلهي الأزلي. والمراد بمسألة الداعي ما يخلق في القلب من توجه نحو أحد المختارين. انظر شرح المقاصد ١ / ٢٥١ ـ ٢٥٦ ، شرح المواقف ٢٨٨ ـ ٢٩٩.
(١١) في ب : والداعي منه.
(١٢) ثم : سقط من ب.
(١٣) في ب : المقلد. وهو تحريف.
(١٤) لا للحجة : سقط من ب.
(١٥) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣ ـ ٢٤.
(١٦) تعالى : سقط من ب.
(١٧) الآية : سقط من ب.
(١٨) في ب : مبتدأ.
(١٩) [هود : ٧٢].