و«هارون» بدل ، أو عطف بيان ، أو منصوب بإضمار أعني ، و«نبيّا» حال.
والثاني : أنها تبعيضية ، أي : بعض رحمتنا ، قال الزمخشريّ : «وأخاه» على هذا بدل ، و«هارون» عطف بيان. قال أبو حيان : «الظاهر أنّ «أخاه» مفعول «وهبنا» ولا ترادف «من» بعضا ، فتبدل «أخاه» منها».
فصل في نبوة هارون
قال ابن عبّاس رضي الله عنه : كان هارون أكبر من موسى ـ صلوات الله عليه ـ وإنّما وهب الله تعالى له نبوّته ، لا شخصه وأخوّته ، وذلك إجابة لدعائه في قوله : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) [طه : ٢٩ ـ ٣١] فأجابه الله تعالى بقوله : (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) [طه : ٣٦] وقوله : (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ)(١) [القصص : ٣٥].
قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ).
وهو إسماعيل بن إبراهيم جدّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم (إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ).
قال مجاهد (٢) لم يعد شيئا إلّا وفّى به.
وروي عن ابن عبّاس أنه [واعد](٣) صاحبا له أن ينتظره في مكان ، فانتظره سنة (٤). وأيضا : وعد من نفسه الصّبر على الذّبح ، فوفّى حيث قال : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) [الصافات : ١٠٢] ويروى أنّ عيسى ـ صلوات الله عليه ـ قال له رجل : انتظرني ؛ حتى آتيك ، فقال عيسى : نعم ، وانطلق الرجل ، ونسي الميعاد ، فجاء إلى حاجته إلى ذلك المكان ، وعيسى ـ صلوات الله عليه ـ هناك للميعاد.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه واعد رجلا ، [ونسي ذلك الرّجل](٥) ، فانتظره من الضّحى إلى قريب [من] غروب الشمس ، وسئل الشعبيّ عن الرجل يعد ميعادا : إلى أيّ وقت ينتظر؟ قال : إن واعده نهارا ، فكلّ النّهار ، وإن واعده ليلا ، فكلّ اللّيل.
وسئل إبراهيم بن زيد عن ذلك ، فقال : إذا وعدته في وقت الصّلاة ، فانتظره إلى وقت صلاة أخرى ، ثم قال : (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) ، وقد مرّ تفسيره ، (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) ، والمراد بالأهل: قومه.
وقيل : أهله جميع أمّته.
قال المفسّرون : إنه كان رسولا إلى «جرهم».
والمراد بالصلاة هناك [قال] ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ : يريد التي افترضها الله عليهم ، وهي الحنيفيّة التي افترضها علينا.
__________________
(١) ذكره الرازي في «تفسيره» (٢١ / ١٩٨) عن ابن عباس.
(٢) ينظر : معالم التنزيل ٣ / ١٩٩.
(٣) في أ : وعد.
(٤) أخرجه الطبري (٨ / ٣٥٢) عن سهل بن سعد.
(٥) سقط من ب.