عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤) يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (٨٦) لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٨٧) وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (٨٩) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (٩١) وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً)(٩٨)
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا) الآية (١).
لمّا ذكر حال هؤلاء الكفار (٢) مع الأصنام في الآخرة ذكر بعده حالهم مع الشياطين في الدنيا ، وأنهم يتولونهم وينقادون لهم ، فقال : (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ) احتج أهل السنة بهذه الآية على أنّ الله ـ تعالى ـ سلّطهم (٣) عليهم لإرادة أن يستولوا عليهم ، ويتأكد هذا بقوله (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) ، فإن معناه لتؤزّهم أزا ، ويتأكد بقوله (٤) : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ)(٥)(٦).
قال القاضي : حقيقة اللفظ (٧) توجب أنه تعالى أرسل الشياطين إلى الكفار كما أرسل الأنبياء ، بأن حملهم رسالة يؤدونها إليهم (٨) ، ولا يجوز في تلك الرسالة إلا ما أرسل عليه الشياطين من الإغواء ، فكان يجب في (٩) الكفار أن يكونوا بقبولهم من الشياطين مطيعين ، وذلك كفر من قائله ، ولأن من (١٠) العجب تعلق المجبرة بذلك ، لأن عندهم أن ضلالهم (١١) من قبله ـ تعالى ـ خلق فيهم الكفر وقدر الكفر ، فلا تأثير لما لا يكون من الشياطين. وإذا بطل حمل اللفظ على ظاهره فلا بد من التأويل ، فنحمله على أنه ـ تعالى ـ خلّى بين الشياطين وبين الكفار ، وما منعهم من إغوائهم (١٢) ، وهذه التخلية تسمى إرسالا في سعة اللغة ، كما إذا لم يمنع الرجل كلبه من دخول بيت جيرانه يقال (١٣) : أرسل كلبه علينا ، وإن لم يرد أذى الناس.
__________________
(١) الآية : سقط من ب ، وكتبت الآية كاملة.
(٢) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٢.
(٣) في ب : سلط.
(٤) بقوله : سقط من ب.
(٥) «واستفزز» : سقط من الأصل واستدرك بالهامش.
(٦) [الإسراء : ٦٤].
(٧) في ب : باللفظ.
(٨) إليهم : سقط من ب.
(٩) في ب : على.
(١٠) من : سقط من ب.
(١١) في ب : ضلاله. وهو تحريف.
(١٢) في ب : وما منع من أحوالهم. وهو تحريف.
(١٣) في ب : فيقال.