[الفرقان : ٢١] وقد يعلّ كهذه الآية ، والكثير في الجمع الإعلال ، وقد يصحّح ؛ نحو : «إنّكم لتنظرون في نحو كثيرة» وقالوا : فتيّ وفتوّ.
وقرأ الأخوان (١) «عتيّا» و (صِلِيًّا) [مريم : ٧٠] و«بكيّا» [مريم : ٥٨] و (جِثِيًّا) [مريم : ٧٢] بكسر الفاء للإتباع ، والباقون بالضمّ على الأصل.
وقرأ عبد الله بن مسعود بفتح الأوّل من «عتيّا» و«صليّا» جعلهما مصدرين على زنة «فعيل» كالعجيج والرّحيل.
وقرأ عبد الله وأبي بن كعب «عسيّا» بضم العين ، وكسر السين المهملة ، وتقدم اشتقاق هذه اللفظة في الأعراف ، وتصريفها.
والعتيّ والعسيّ : واحد.
يقال : عتا يعتو عتوّا ، وعتيّا ، فهو عات ، وعسا يعسو عسوّا وعسيّا فهو عاس ، والعاسي : هو الذي غيره طول الزمان إلى حال البؤس. وليل عات : طويل ، وقيل : شديد الظلمة.
فصل
في هذه الآية سؤالان (٢) :
أحدهما : لم تعجب زكريّا ـ عليه الصلاة والسلام ـ بقوله : (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) مع أنّه هو الذي طلب الغلام؟.
والسؤال الثاني : قوله : (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) هذا التعجّب يدل على الشك في قدرة الله تعالى على ذلك ، وذلك كفر ، وهو غير جائز على الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ؟.
فالجواب عن الأول : أمّا على قول من قال : ما طلب الولد ، فالإشكال زائل ، وأمّا على قول من قال : إنّه طلب الولد ، فالجواب : أن المقصود من قوله : (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) هو البحث على أنه تعالى يجعلهما شابين ، ثم يرزقهما ، أو يتركهما شيخين ، ويرزقهما الولد ، مع الشيخوخة؟ ويدلّ عليه قوله تعالى : (وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ) [الأنبياء : ٨٩ ، ٩٠].
وما هذا الإصلاح إلّا أنّه تعالى أعاد قوّة الولادة.
وذكر السديّ في الجواب وجها آخر ، فقال : إنّه لمّا سمع النداء بالبشارة جاءه
__________________
(١) ينظر في قراءاتها : السبعة ٤٠٧ ، والنشر ٢ / ٣١٧ ، والحجة ٤٣٩ ، والإتحاف ٢ / ٢٣٤ ، والمحتسب ٢ / ٣٩ ، والحجة للقراء السبعة ٥ / ١٩١ ، ١٩٢ ، وإعراب القراءات ٢ / ١١.
(٢) ينظر : الفخر الرازي ٢١ / ١٦٠.