هذه حلة نسج اليمن ، ولا تقول (١) : نسجة اليمن ، ويعترضون بهذه الآية (٢) ، ثم يجيبون بأن الممنوع إنما هو التاء الدالة على التحديد لا على مجرد التأنيث ، وهذه التاء دالة على مجرد (٣) التأنيث ، وكذلك قوله(٤) : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ)(٥)(٦).
وقرأ الحسن «قبضة» بضم القاف وهي كالغرفة والمضغة في معنى المغروف والمقبوض (٧). وروي عنه «قبصة» بالصاد المهملة (٨). والقبض بالمعجمة بجميع الكف ، وبالمهملة بأطراف الأصابع ، وله نظائر كالخضم وهو الأكل بجميع الفم (٩) والقضم (١٠) بمقدمه (١١) ، والقضم (١٢) قطع بانفصال والفصم بالفاء باتصال (١٣) ، وقد تقدّم شيء من ذلك في البقرة (١٤). وأدغم ابن محيصن الضاد المعجمة في تاء المتكلم مع إبقائه الإطباق (١٥). وأدغم الأخوان (١٦) وأبو عمرو الذال في التاء من «فنبذتها» (١٧).
فصل
لما أجاب هارون أخاه موسى بالجواب المتقدم أقبل موسى على السامريّ وقال له : «ما خطبك» أي : ما حملك على ما فعلت؟ فقال : (بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) أي : رأيت
__________________
(١) في ب : ولا يقال.
(٢) في ب : بهذه الأمور والآية.
(٣) مجرد : سقط من ب.
(٤) في ب : وكذلك التاء في قوله.
(٥) [الزمر : ٦٧].
(٦) الدر المصون ٥ / ٣٦.
(٧) انظر الكشاف ٢ / ٤٤٥.
(٨) المختصر (٨٩) ، المحتسب ٢ / ٤٥٥ البحر المحيط ٦ / ٢٧٣.
(٩) الفم : سقط من ب.
(١٠) في ب : والعصم.
(١١) القضم : الأكل بأطراف الأسنان. اللسان (قضم).
(١٢) في ب : القطم.
(١٣) القصم بالقاف هو أن ينكسر الشيء فيبين يقال منه : قصمت الشيء إذا كسرته حتى يبين. والفصم بالفاء هو أن ينصدع الشيء من غير أن يبين. اللسان (قصم).
(١٤) عند قوله تعالى : «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» [البقرة : ٢٥٦] وذكر هناك : والانفصام بالفاء القطع من غير بينونة ، والقصم بالقاف ـ قطع ببينونة ، وقد يستعمل ما بالفاء مكان ما بالقاف ، والمقصود من هذا اللفظ المبالغة ، لأنه إذا لم يكن لها انفصام فبأن لا يكون لها انقطاع أولى. انظر اللباب ٢ / ١٠٠.
(١٥) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٣ ، الإتحاف ٣٠٧.
(١٦) حمزة والكسائي.
(١٧) وأظهر الباقون. وحجة من أدغم أن قوة التاء والذال معتدلة ، لأن التاء شديدة ، والذال مجهورة ، والشدة في القوة كالجهر ولأن التاء مهموسة ، والذال رخوة ، والهمس في الضعف كالرخاوة ، فاعتدلا في القوة والضعف ، فحسن الإدغام لذلك ، على أنهما قد اشتركا في المخرج من الفم ، واشتركا في إدغام لام التعريف فيهما ، واتصالهما في كلمة. والإظهار أحسن ، لأنه الأصل ولأن التاء في تقدير الانفصال لأن الفعل (نبذ) فالتاء داخلة فيه بعد أن لم تكن. انظر الكشف ١ / ١٥٩ ـ ١٦٠.