بأن السباحة لا تكون إلا في الماء. وأجيبوا بالمنع ، فإنه يقال في الفرس الذي يمدّ (١) يديه في الجري : سابح(٢).
وقال الحسن : الفلك طاحونة كهيئة فلكة المغزل (٣).
وقال جمهور الفلاسفة وأصحاب الهيئة : الأفلاك أجرام صلبة لا ثقيلة ولا خفيفة غير قابلة للخرق (٤) والالتئام والنمو والذبول (٥). واختلف الناس (٦) في حركات الكواكب ، فقال بعضهم : الفلك ساكن والكواكب تتحرك فيه كحركة السمكة (٧) في الماء ، وقال آخرون : الفلك متحرك ، والكواكب تتحرك فيه أيضا إما مخالفا لجهة حركته ، أو موافقا لجهته إما بحركة مساوية لحركة الفلك في السرعة والبطء أو مخالفة.
وقيل : الفلك متحرك والكواكب مغروزة فيه. أما الأول فقالت الفلاسفة إنه باطل ، لأنه (٨) يوجب خرق الفلك وهو محال.
وأما الثاني فحركة الكواكب إن كانت مخالفة لحركة الفلك فذلك أيضا يوجب الخرق ، وإن كانت حركتها إلى جهة حركة الفلك فإن كانت مخالفة لها في السرعة والبطء لزم الانخراق ، وإن استويا في الجهة والسرعة والبطء فالخرق أيضا لازم ، لأن الكوكب يتحرك بالعرض بسبب حركة الفلك فتبقى حركته الذاتية زائدة فيلزم الخرق. فلم يبق إلا القسم الثالث ، وهو أن يكون الكوكب مغروزا في الفلك ، والفلك يتحرك ، فيتحرك الكوكب بسبب حركة الفلك. واعلم أن مدار هذا الكلام على أن امتناع الخرق على الأفلاك باطل ، بل الحق أن الأقسام الثلاثة ممكنة ، والله تعالى قادر على كل الممكنات والذي دل عليه لفظ القرآن أن الأفلاك ثابتة و(٩) الكواكب جارية فيها كما تسبح السمكة في الماء (١٠).
فصل (١١)
احتج ابن سينا (١٢) على كون الكواكب أحياء ناطقة بقوله «يسبحون» قال : والجمع
__________________
(١) في ب : يمدين.
(٢) في الأصل : سابحا. انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٦٧.
(٣) انظر البغوي ٥ / ٤٨٥.
(٤) في ب : الخرق.
(٥) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٦٧.
(٦) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٦٧ ـ ١٦٨.
(٧) في ب : السما. وهو تحريف.
(٨) في الأصل : كأنه. وهو تحريف.
(٩) في ب : في. وهو تحريف.
(١٠) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٦٧ ـ ١٦٨.
(١١) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٦٨.
(١٢) هو الحسين بن عبد الله بن سينا ، أبو علي ، شرف الملك ، الفيلسوف الرئيس صاحب التصانيف في الطب ، والمنطق ، والطبيعيات ، والإلهيات مات سنة ٤٢٨ ه. الأعلام ٢ / ٢٦١ ـ ٢٦٢ ، وفيات الأعيان ٢ / ١٥٧ ـ ١٦٢.