الثاني : كراهة مجادلة السّفهاء ، وفيه أنّ السّكوت عن السّفيه واجب ، ومن أذلّ الناس سفيه لم يجد مسافها.
قوله تعالى : (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ) : «به» في محلّ نصب على الحال من فاعل «أتت» ، [أي : أتت] مصاحبة له ؛ نحو : جاء بثيابه ، أي : ملتبسا بها ، ويجوز أن تكون الباء متعلقة بالإتيان ، وأمّا «تحمله» فيجوز أن يكون حالا ثانية من فاعل «أتت» ويجوز أن يكون حالا من الهاء في «به» وظاهر كلام أبي (١) البقاء : أنّها حال من ضمير مريم وعيسى معا ؛ وفيه نظر.
قوله تعالى : «شيئا» مفعول به ، أي : فعلت شيئا ، أو مصدر ، أي : نوعا من المجيء غريبا (٢) ، والفريّ : العظيم من الأمر ؛ يقال في الخير والشرّ ، وقيل : الفريّ : العجيب ، وقيل : المفتعل ، ومن الأول ، الحديث في وصف عمر ـ رضي الله عنه ـ : «فلم أر عبقريّا يفري فريّه» والفري : قطع الجلد للخرز والإصلاح ، والإفراء : إفساده ، وفي المثل : جاء يفري الفريّ ، أي : يعمل العمل العظيم ؛ وقال : [الكامل]
٣٦٠٠ ـ فلأنت تفري ما خلقت وبع |
|
ض القوم يخلق ثمّ لا يفري (٣) |
وقرأ أبو (٤) حيوة فيما نقل عنه ابن خالويه «فريئا» بالهمز ، وفيما نقل ابن عطية «فريا» بسكون الراء.
وقرأ عمر بن لجأ (٥) «ما كان أباك امرؤ سوء» جعل النكرة الاسم ، والمعرفة الخبر ؛ كقوله : [الوافر]
٣٦٠١ ـ ........... |
|
يكون مزاجها عسل وماء (٦) |
وقوله : [الوافر]
٣٠٦٢ ـ ........... |
|
ولا يك موقف منك الوداعا (٧) |
وهنا أحسن لوجود الإضافة في الاسم.
فصل في كيفية ولادة مريم وكلام عيسى لها ولقومه
قيل : إنّها ولدته ثم حملته في الحال إلى قومها.
وقال ابن عباس ، والكلبيّ : احتمل يوسف النّجّار مريم ، [وابنها](٨) عيسى إلى
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ١١٣.
(٢) في أ : فريا.
(٣) تقدم.
(٤) ينظر : الشواذ ٨٤ ، والبحر المحيط ٦ / ١٧٦ ، والدر المصون ٤ / ٥٠٣.
(٥) ينظر : القرطبي ١١ / ٦٩ ، والبحر المحيط ٦ / ١٧٦ ، والدر المصون ٤ / ٥٠٣.
(٦) تقدم.
(٧) تقدم.
(٨) في ب : وولدها.