فصل
قال المفسرون : لمّا نودي يا موسى (١) أجاب سريعا ما يدري (٢) من دعاه ، فقال : إنّي أسمع (٣) صوتك ولا أرى مكانك ، فأين أنت؟ فقال : أنا فوقك ، ومعك ، وأمامك ، وخلفك ، وأقرب إليك من نفسك. فعلم أن ذلك لا ينبغي إلا لله عزوجل فأيقن به. (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) روى ابن مسعود مرفوعا في قوله : «اخلع نعليك» قيل : كانتا (٤) من جلد حمار ميت. ويروى غير مدبوغ.
وقال عكرمة ومجاهد : ليباشر بقدميه (٥) تراب (٦) الأرض المقدسة ، فيناله بركتها ، لأنه قدّست مرتين ، فخلعهما وألقاهما من وراء الوادي (٧).
قيل : إنه عرف أن المنادي هو الله تعالى ، لأنه رأى النار في الشجرة الخضراء (٨) بحيث إن تلك الخضرة (٩) ما كانت تطفىء تلك النار ، وتلك النار ما كانت تنضر بتلك الخضرة ، وهذا لا يقدر عليه أحد إلا الله تعالى (١٠).
قوله : «طوى» قرأ الكوفيون (١١) وابن عامر «طوى» بضم الطاء والتنوين.
وقرأ الباقون (١٢) : بضمها من غير تنوين (١٣).
وقرأ الأعمش والحسن وأبو حيوة (١٤) وابن محيصن بكسر الطاء منونا (١٥) ، وأبو (١٦) زيد عن أبي عمرو بكسرها غير منون (١٧).
فمن ضمّ ونوّن فإنه صرفه : لأنّه أوّله بالمكان (١٨). ومن منعه فيحتمل أوجها (١٩) :
أحدها (٢٠) : أنه منعه للتأنيث باعتبار البقعة والعلمية (٢١).
__________________
(١) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٥ / ٤١٤. بتصرف يسير.
(٢) في ب : لا.
(٣) في ب : سمعت.
(٤) في النسختين : كانت ، وما أثبته هو الصواب.
(٥) في الأصل : برجليه.
(٦) في ب : تراب الوادي أغنى.
(٧) آخر ما نقله هنا عن البغوي ٥ / ٤١٤ بتصرف يسير.
(٨) في ب : الخضرة. وهو تحريف.
(٩) في ب : الشجرة وهو تحريف.
(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٧.
(١١) وهم : عاصم ، وحمزة ، والكسائي.
(١٢) وهم : ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو.
(١٣) انظر السبعة : ٤١٧ ، الحجة لابن خالويه (٣٤٠) ، الكشف ٢ / ٩٦ النشر ٢ / ٣١٩ ، الإتحاف (٣٠٢).
(١٤) في ب : أبو حيان. وهو تحريف.
(١٥) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣١. والإتحاف : ٣٠٢.
(١٦) في الأصل : أبي. وهو تحريف.
(١٧) انظر السبعة : ١٤٧. والبحر المحيط ٦ / ٢٣١.
(١٨) انظر البيان ٢ / ١٣٩ ، والتبيان ٢ / ٨٨٦ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٣١.
(١٩) في ب : وجهان. وهو تحريف.
(٢٠) في ب : الأول.
(٢١) انظر البيان ٢ / ١٣٩ ، والتبيان ٢ / ٨٨٦ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٣١.