(وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ) [البقرة : ٢٢٨] ، (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) [البقرة : ٢٣٣] ، (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) [مريم : ٧٥] أي : يمدّ له الرحمن ، والباء زائدة.
الثاني : أن يقال : إنّه أمر لكلّ أحد بأن يجعل زيدا كريما ، أي : بأن يصفه بالكرم ، والباء زائدة ؛ كما في قوله : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة : ١٩٥].
قال ابن الخطيب (١) : وسمعت لبعض الأدباء فيه تأويلا ثالثا ؛ وهو أن قولك : أكرم بزيد ، يفيد أنّ زيدا بلغ في الكرم إلى حيث كأنّه في ذاته صار كرما ؛ حتّى لو أردتّ جعل غيره كريما ، فهو الذي يلصقك بمقصودك ويحصّل لك غرضك.
فصل في معنى الآية
المشهور أنّ معنى قوله (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) : «ما أسمعهم ، وما أبصرهم» والتعجّب على الله تعالى محال ، وإنّما المراد أنّ أسماعهم وأبصارهم يومئذ جديرة بأن يتعجّب منهما بعدما كانوا صمّا عميا في الدّنيا.
وقيل : معناه التّهديد مما يسمعون وسيبصرون ما يسوءهم ، ويصدع قلوبهم.
وقال القاضي (٢) : ويحتمل أن يكون المراد : أسمع هؤلاء وأبصرهم ، أي : عرّفهم حال القوم الذين يأتوننا ؛ ليعتبروا وينزجروا.
وقال الجبّائيّ : ويجوز : أسمع النّاس بهؤلاء ، وأبصرهم بهؤلاء ، ليعرفوا أمرهم ، وسوء عاقبتهم ، فينزجروا عن الإتيان بمثل فعلهم.
قوله تعالى : (يَوْمَ يَأْتُونَنا) معمول ل «أبصر». [ولا يجوز أن يكون معمولا ل «أسمع» لأنه لا يفصل بين فعل التعجّب ، ومعموله ؛ ولذلك كان الصحيح أنه] لا يجوز أن تكون المسألة من التنازع ، وقد جوّزه بعضهم ملتزما إعمال الثاني ، وهو خلاف قاعدة الإعمال ، وقيل : بل هو أمر حقيقة ، والمأمور به رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمعنى : أسمع النّاس ، وأبصرهم بهم وبحديثهم ماذا يصنع بهم من العذاب؟ وهو منقول عن أبي العالية.
قوله تعالى : (لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ).
نصب «اليوم» بما تضمّنه الجار من قوله (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي : لكن الظالمون استقرّوا في ضلال مبين اليوم ، ولا يجوز أن يكون هذا الظرف هو الخبر ، والجارّ لغو ؛ لئلا يخبر عن الجثة [بالزمّان ؛ بخلاف] قولك : القتال اليوم في دار زيد ؛ فإنّه يجوز الاعتباران.
فصل في معنى الآية
المعنى : (لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي : خطأ بيّن ، وفي الآخرة يعرفون الحقّ.
__________________
(١) ينظر : الفخر الرازي ٢١ / ١٨٩.
(٢) ينظر : المصدر السابق.