والجواب (١) فيه فوائد ، الأولى (٢) : حكمة هذا السؤال تنبيهه وتوقيفه على أنها عصا ، حتى إذا (٣) قلبها حية علم أنها معجزة عظيمة ، وهذا على عادة العرب يقول الرجل لغيره : هل تعرف هذا؟ (٤) وهو لا يشك أنه يعرفه ، ويريد أن ينضم إقراره بلسانه إلى معرفته بقلبه (٥).
الثانية : أن يقرّر عنده (٦) أنها خشبة حتى إذا قلبها ثعبانا لا يخافها (٧).
الثالثة : أنه تعالى لمّا أراه الأنوار المتصاعدة من الشجرة إلى السماء ، وأسمعه كلام نفسه ، ثم أورد عليه التكليف الشاق ، وذكر له المعاد ، وختم ذلك بالتهديد العظيم ، فتحيّر موسى ـ عليهالسلام ـ (٨) ودهش ، (فقيل له : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ) ، وتكلم معه بكلام البشر إزالة لتلك الدهشة والحيرة)(٩).
(فصل (١٠)) (١١)
هذا خطاب من الله مع موسى بلا واسطة ، ولم يحصل ذلك لمحمد عليهالسلام (١٢) فيلزم أن يكون موسى أفضل من محمد عليهماالسلام (١٣).
فالجواب : أنّه تعالى كما (١٤) خاطب موسى فقد (١٥) خاطب محمدا في قوله : (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى)(١٦) إلا أن الفرق أنّ الذي ذكره مع موسى عليهالسلام (١٧) أفشاه إلى الخلق ، والذي ذكره مع محمد كان سرا لم يستأهل له أحدا من الخلق. وأيضا إن كان موسى تكلم معه فأمة محمد يخاطبون الله تعالى في كل يوم مرات على ما (١٨) قاله عليهالسلام : «المصلّي يناجي ربّه» (١٩) والرّب يتكلم مع آحاد أمة محمد (٢٠) يوم القيامة بالتسليم والتكريم لقوله : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ)(٢١).
قوله : «هي عصاي» هي يعود على المستفهم عنه.
__________________
(١) في ب : فالجواب.
(٢) في ب : الأول.
(٣) إذا سقط من ب.
(٤) في ب : قد عرفت هل عرفت هذا؟ وهو تحريف.
(٥) في ب : على معرفته بلسانه. وهو تحريف.
(٦) في ب : بقلبه.
(٧) في الأصل : لا يخاف منها.
(٨) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٩) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٠) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٦.
(١١) ما بين القوسين في ب : فإن قيل.
(١٢) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٣) عليهماالسلام : سقط من ب.
(١٤) في ب : لما.
(١٥) فقد : سقط من ب.
(١٦) [النجم : ١٠].
(١٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٨) في ب : كما.
(١٩) أخرجه الإمام مالك (نداء) ١ / ٣ ، وأحمد ٢ / ٦٧.
(٢٠) في ب : محمد صلىاللهعليهوسلم.
(٢١) [يس : ٥٨].