القول الثالث فيشكل ، وذلك أنه يلزم تعلق جر في جر متحدين لفظا ومعنى. ويجاب عنه بأن يجعل بدلا من «لكم» بإعادة العامل كقوله تعالى : (لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ)(١) وهو بدل اشتمال ، وذلك أنّ أن الناصبة للفعل المقدرة مؤولة هي ومنصوبها بمصدر ، وذلك المصدر بدل من ضمير المخاطب في «لكم» بدل اشتمال ، والتقدير : وعلمناه صنعة لبوس لتحصنكم.
والثاني : أن تتعلق ب «صنعة» (٢) على معنى أنه بدل من «لكم» كما تقدم تقريره وذلك على رأي أبي البقاء ، فإنه علّق «لكم» ب «صنعة» (٣).
والثالث : أنها تتعلق بالاستقرار الذي تعلق به «لكم» إذا جعلناه صفة لما قبله (٤). وقرأ الحرميان (٥) والأخوان (٦) وأبو عمرو : «ليحصنكم» بالياء من تحت (٧) ، والفاعل الله تعالى ، وفيه التفات (٨) على هذا الوجه ، إذ تقدمه ضمير المتكلم في قوله «وعلّمناه». أو داود ، أو التعليم ، أو اللبوس (٩). وقرأ حفص وابن عامر بالتاء من فوق (١٠) ، والفاعل الصنعة أو الدرع ، وهي مؤنثة ، أو اللبوس ، لأنها يراد بها ما يلبس ، وهو الدرع ، والدرع مؤنثة كما تقدم (١١).
وقرأ أبو بكر «لنحصنكم» بالنون (١٢) جريا على «علّمناه» (١٣). وعلى هذه القراءات الثلاث الحاء ساكنة والصاد مخففة. وقرأ الأعمش «ليحصّنكم» وكذا النعيمي (١٤) عن أبي عمرو بفتح الحاء وتشديد الصاد على التكثير إلّا أن الأعمش بالتاء من فوق وأبو عمرو بالياء من تحت (١٥) وقدّم (١٦) ما هو الفاعل (١٧).
فصل
معنى «لنحصنكم» أي : لنحرزكم ونمنعكم من بأسكم أي : حرب عدوكم (١٨).
__________________
(١) [الزخرف : ٣٣].
(٢) انظر التبيان ٢ / ٩٢٤ ، البحر المحيط ٦ / ٣٣٢.
(٣) التبيان ٢ / ٩٢٣.
(٤) انظر التبيان ٢ / ٩٢٤ ، البحر المحيط ٦ / ٣٣٢.
(٥) ابن كثير ونافع.
(٦) حمزة والكسائي.
(٧) السبعة (٤٣٠) الكشف ٢ / ١١٢ ، النشر ٢ / ٣٢٤ ، الإتحاف (٣١١).
(٨) في الأصل : التفاوت. وهو تحريف.
(٩) انظر الكشف ٢ / ١١٢ ، التبيان ٢ / ٩٢٤ ، البحر المحيط ٦ / ٣٣٢ ، الإتحاف (٣١١).
(١٠) السبعة (٤٣٠) ، الكشف ٢ / ١١٢ ، النشر ٢ / ٣٢٤ ، الإتحاف (٣١١).
(١١) انظر الكشف ٢ / ١١٢ ، التبيان ٢ / ٩٢٤ ، البحر المحيط ٦ / ٣٣٢ ، الإتحاف (٣١١).
(١٢) السبعة (٤٣٠) ، الكشف ٢ / ١١٢ ، النشر ٢ / ٣٣٢ ، الإتحاف (٣١١).
(١٣) انظر الكشف ٢ / ١١٢ ، البيان ٢ / ١٦٤ ، التبيان ٢ / ٩٢٤ ، البحر المحيط ٦ / ٣٣٢.
(١٤) النعيمي : سقط من ب.
(١٥) المختصر (٩٢) البحر المحيط ٦ / ٣٣٢.
(١٦) في ب : وقد تقدم.
(١٧) في توجيه قراءة التخفيف.
(١٨) انظر البغوي ٥ / ٥٠٦ ، الفخر الرازي ٢٢ / ٢٠٠.