وفتح الراء على البناء للمفعول (١) ، والمعنى : خافا أن يسبق في العقوبة أي يحمله حامل عليها وعلى المعاجلة بها إما قومه وإما الشيطان وإما حبه الرياسة ، وإما ادعاؤه الإلهية.
وقرأ ابن محيصن في رواية الزعفراني (٢) : «أن يفرط» بضم حرف المضارعة وكسر الراء من أفرط(٣).
قال الزمخشري : من أفرطه غيره ، إذا حمله على العجلة خافا (٤) أن يحمله حامل على المعاجلة بالعقاب (٥).
وقال كعب بن زهير (٦) :
٣٦٦١ ـ تنفي (٧) الرّياح القذى عنه وأفرطه |
|
من صوب سارية بيض يعاليل (٨) |
أي سبقت هذه البيض لتملاه.
وفاعل (٩) يفرط ضمير فرعون ، وهذا هو الظاهر الذي ينبغي أن لا يعدل عنه ، وجعله أبو البقاء مضمرا لدلالة الكلام عليه ، فقال : فيجوز أن يكون التقدير : أن يفرط (١٠) علينا (١١) منه قول فأضمر القول لدلالة الحال عليه كما تقول : فرط منّي قول ، وأن يكون الفاعل ضمير فرعون كما كان في «يطغى»(١٢).
فصل
قال ابن عباس : (يَفْرُطَ عَلَيْنا) يعجل علينا بالقتل والعقوبة. يقال : فرط علينا فلان إذا عجل بمكروه ، وفرط منه أمر أي بدر وسبق (١٣)(أَوْ أَنْ يَطْغى) يجاوز الحد بالتخطي (١٤) إلى أن يقول فيك ما لا ينبغي لجرأته عليك. واعلم أن من أمر بشيء فحاول دفعه لأعذار يذكرها فلا بد أن يختم كلامه بما هو الأقوى ، كما أن الهدهد ختم عذره
__________________
(١) انظر المختصر (٨٧) ، والمحتسب ٢ / ٥٢ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٤٦ ، والإتحاف ٣٠٣.
(٢) هو عبد الله بن محمد بن هشام أبو محمد الزعفراني ، روى القراءة عرضا عن خلف ودحيم الدمشقي ، والدوري وغيرهم ، وروى القراءة عنه عرضا علي بن الحسين الغضائري طبقات القراء ١ / ٤٥٤ ـ ٤٥٥.
(٣) انظر المختصر (٨٧) ، الكشاف ٢ / ٤٣٥ ، البحر المحيط ٦ / ٢٤٦.
(٤) في ب : خاف.
(٥) الكشاف ٢ / ٤٣٥.
(٦) هو كعب بن زهير بن أبي سلمى ، صحابي ، كان شاعرا مجودا كثير الشعر ، مقدما في طبقته. الخزانة ٩ / ١٥٣ ـ ١٥٥.
(٧) في ب : تبقى وهو تصحيف.
(٨) البيت من بحر البسيط قاله كعب بن زهير ، وهو في ديوانه (٧) واللسان (فرط) (علل).
(٩) في ب : وفا. وهو تحريف.
(١٠) في ب : فيفرط. وهو تحريف.
(١١) علينا : سقط من ب.
(١٢) انظر التبيان ٢ / ٨٩١ ـ ٨٩٢.
(١٣) انظر البغوي ٥ / ٤٣٤ ، وفي اللسان (فرط) : الفرط : العجلة ، وقال الفراء في قوله تعالى : «إنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا» قال : يعجل إلى عقوبتنا ، والعرب تقول : فرط منه أمر ، أي : بدر وسبق.
(١٤) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٦٠.