الذي منعاه ، أعني الزمخشري وأبا البقاء ، قد أجازه المبرد وغيره أما المبرد فإنه قال : جاز البدل ، لأن ما بعد «لو» غير موجب في المعنى والبدل في غير الموجب أحسن من الوصف (١).
وفي هذا نظر من جهة ما ذكره أبو البقاء من فساد المعنى (٢).
وقال ابن الضائع (٣) تابعا للمبرد : لا يصح المعنى عندي إلا أن تكون «إلا» (٤) في معنى (غير) التي يراد بها البدل ، أي : لو كان فيهما آلهة عوض واحد ، أي : بدل الواحد الذي هو الله لفسدتا ، وهذا المعنى أراد سيبويه في المسألة التي جاء بها توطئة (٥). وقال الشلوبين (٦) في مسألة سيبويه : «لو كان معنا رجل إلّا زيد لغلبنا» إن المعنى : لو كان معنا رجل مكان زيد لغلبنا ، ف (إلا) بمعنى (غير) التي بمعنى مكان (٧). وهذا أيضا جنوح من أبي علي إلى البدل. وما ذكره ابن الضائع من المعنى المتقدم مسوغ للبدل ، وهو جواب عما أفسد به أبو البقاء وجه البدل إذ معناه واضح ، ولكنه قريب من تفسير المعنى لا من تفسير الإعراب (٨).
فصل
المعنى لو كان يتولاهما ، ويدبر أمرهما شيء غير الواحد الذي فطرهما لفسدتا ولا يجوز أن تكون «إلا» بمعنى الاستثناء ، لأنها لو كانت استثناء لكان المعنى : لو كان فيهما آلهة ليس معهم الله لفسدتا ، وهذا يوجب بطريق المفهوم أنه لو كان فيهما آلهة معهم الله أن لا يحصل الفساد ، وذلك باطل ، لأنه لو كان فيهما آلهة فسواء كان الله معهم أو لم
__________________
ـ الإثبات فلا عموم له فلا يصح الاستثناء منه ، فلو قلت : قام رجال إلا زيدا لم يصح اتفاقا. انظر المغني ١ / ٧٠ ـ ٧١.
(١) هذا القول المنسوب للمبرد ذكره أبو حيان في البحر المحيط ٦ / ٣٠٥.
(٢) حيث قال : (ولا يجوز أن يكون بدلا ، لأن المعنى يصير إلى قولك : لو كان فيهما الله لفسدتا). التبيان ٢ / ٩١٤.
(٣) هو علي بن محمد بن علي بن يوسف الكتامي الإشبيلي أبو الحسن المعروف بابن الضائع ، بلغ الغاية في علم النحو ، ولازم الشلوبين ، وفاق أصحابه بأسرهم ، له شرح الجمل ، وشرح كتاب سيبويه جمع فيه بين شرحي السيرافي وابن خروف باختصار حسن ، وغير ذلك ، مات سنة ٦٨٠ ه. بغية الوعاة ٢ / ٢٠٤.
(٤) إلا : سقط من ب.
(٥) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٠٥.
(٦) تقدم.
(٧) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٠٥.
(٨) ذكر ابن هشام في المغني قول ابن الضائع والشلوبين مجملا ثم رد عليهما بقوله : (قلت : وليس كما قالا ، بل الوصف في المثال وفي الآية مختلف فهو في المثال مخصص مثله في قولك : جاء رجل موصوف بأنه غير زيد ، وفي الآية مؤكد مثله في قولك : متعدد موصوف بأنه غير الواحد ، وهكذا الحكم أبدا ؛ إن طابق ما بعد (إلا) موصوفها فالوصف مخصص له ، وإن خالفه بإفراد أو غيره فالوصف مؤكد ، ولم أر من أفصح عن هذا) المغني ١ / ٧١.