قال الزمخشري : وعن بعضهم «فغوى» (١) فبشم من كثرة الأكل ، وهذا (٢) وإن صح على لغة من يقلب الياء المكسور ما قبلها (٣) ألفا ، فيقول في فني ، وبقي : فنا وبقا (٤) ، وهم بنو طيىء تفسير خبيث(٥).
قال شهاب الدين : كأنه لم يطلع على أنه قرىء (٦) بكسر الواو (٧) ، ولو اطلع عليها لردها ، وقد فرّ القائل بهذه المقالة من نسبة آدم ـ عليهالسلام (٨) ـ إلى الغي (٩).
فصل(١٠)
تمسك بعضهم (١١) بقوله : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) في صدور الكبيرة عنه من وجهين :
أحدهما (١٢) : أن العاصي اسم للذمّ فلا يطلق (١٣) إلا على صاحب الكبيرة ، ولقوله تعالى (١٤) : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ (١٥) خالِدِينَ ١٦) فِيها)(١٧) ولا معنى لصاحب الكبيرة إلا من فعل فعلا يعاقب عليه.
الثاني : أن الغواية والضلالة (١٨) اسمان مترادفان ، والغي ضد الرشد ، ومثل هذا لا يتناول إلا الفاسق المنهمك في فسقه.
وأجيب (١٩) عن الأول : بأن المعصية مخالفة الأمر (٢٠) ، والأمر قد يكون بالواجب وبالندب ، فإنك تقول : أمرته فعصاني ، وأمرته بشرب الدواء فعصاني وإذا كان كذلك لم يمتنع (٢١) إطلاق اسم العصيان على آدم بكونه تاركا للمندوب فأجاب المستدل بأنا قد بيّنّا أن ظاهر القرآن يدل على أنّ العاصي يستحق العقاب ، والعرف يدل على أنه اسم (٢٢) ذم ، فوجب تخصيص اسم العاصي بتارك الواجب ، ولأنه لو كان تارك المندوب عاصيا لوجب وصف الأنبياء بأسرهم بأنهم عصاة ، لأنهم لا ينفكون من ترك المندوب. فإن قيل : وصف تارك المندوب بأنه عاص مجاز (٢٣) والمجاز لا يطرد.
__________________
(١) في ب : قال الزمخشري. وغوى غيره فغوى. وهو تحريف.
(٢) في ب : هذا.
(٣) في ب : ما بعدها. وهو تحريف.
(٤) في ب : فيقول في نفي معنا. وهو تحريف.
(٥) الكشاف ٢ / ٤٥٠.
(٦) في ب : قرأ. وهو تحريف.
(٧) وهي القراءة الذي حكاها أبو البقاء.
(٨) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٩) الدّر المصون : ٢ / ٤٠.
(١٠) في ب : فإن قيل.
(١١) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٢٧.
(١٢) في الأصل : الأولى.
(١٣) في الأصل : ينطلق. وهو تحريف.
(١٤) تعالى : سقط من ب.
(١٥) نار : سقط من الأصل.
(١٦) في النسختين خالدا. وهو تحريف.
(١٧) [الجن : ٢٣].
(١٨) في ب : والضّلال.
(١٩) في ب : والجواب.
(٢٠) في ب : والأمر. وهو تحريف.
(٢١) في ب : لم يمنع.
(٢٢) اسم : سقط من ب.
(٢٣) في ب : مجازا. وهو تحريف.