أبو حيّان الثاني قال : لأنه يلزم من ذلك أن تكون آياته كلها هي الكبرى ، لأن ما كان بعض (١) الآيات الكبر صدق عليه آية (٢) الكبرى ، لأنها هي المتصفة (٣) بأفعل التفضيل ، وأيضا إذا جعلت «الكبرى» مفعولا فلا يمكن (٤) أن يكون صفة للعصا (٥) واليد معا ، إذ كان يلزم التثنية ، ولا جائز أن يخصّ أحدهما بالوصف دون الأخرى (٦) ، لأن التفضيل في كل منهما (٧).
فصل
قال المفسرون : قال : (لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى) ولم يقل : الكبر لرؤوس الآي (٨). وقيل(٩) : فيه إضمار معناه : لنريك من آياتنا الآية الكبرى ويدل عليه قول ابن عباس (١٠) : كانت يد موسى أكبر آياته (١١) وهو قول الحسن قال : اليد أعظم في الإعجاز من العصا ، فإنه جعل «الكبرى» مفعولا ثانيا (١٢) لنريك وجعل ذلك (راجعا للآية القريبة ، وقد) (١٣) ضعّف ذلك بأنه ليس في اليد إلا تغير اللون ، (وأما العصا ففيها تغير اللون) (١٤) وخلق الزيادة في الجسم وخلق الحياة والقدرة والأعضاء المختلفة ، وابتلاع الشجر والحجر ، ثم عادت عصا بعد ذلك ، فقد وقع التغير مرة أخرى في كل هذه الأمور فكانت العصا أعظم (١٥).
وأما قوله : (لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى) فقد ثبت أنه عائد إلى الكلام ، وأنه غير مختص باليد(١٦).
قوله تعالى : (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٢٤) قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨) وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (٣٤) إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً) (٣٥)
قوله تعالى (١٧) : (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) لما أظهر له الآيات عقبها بأن أمره بالذهاب إلى فرعون ، وبيّن العلة في ذلك ، وهو أنه طغى ، وإنما خص فرعون بالذكر مع
__________________
(١) في ب : من.
(٢) في ب : آيات. وهو تحريف.
(٣) في ب : المتصلة وهو تحريف.
(٤) في ب : فلا يلزم. وهو تحريف.
(٥) في ب : العصا.
(٦) في ب : الآخر.
(٧) البحر المحيط ٦ / ٢٣٧. بتصرف يسير.
(٨) انظر القرطبي ١١ / ١٩١.
(٩) وقيل : سقط من ب.
(١٠) في ب : ابن عباس رضي الله عنه.
(١١) انظر القرطبي ١١ / ١٩١.
(١٢) في ب : بآياتنا. وهو تحريف.
(١٣) ما بين القوسين سقط من ب. وفيه : وجعل ذلك قريبا.
(١٤) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٥) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٣٠ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٣٧.
(١٦) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٣٠.
(١٧) تعالى : سقط من ب.