قوله : «كثيرا» نعت لمصدر محذوف (١) ، أو حال من ضمير المصدر كما هو رأي سيبويه (٢).
وجوّز أبو البقاء : أن يكون نعتا لزمان محذوف ، أي : زمانا كثيرا (٣).
قوله : (إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً) أي عالما بأنّا لا نريد بهذه الطاعات (٤) إلا وجهك ورضاك ، أو بصيرا بأنّ الاستعانة بهذه الأشياء لأجل حاجتي في النبوة إليها ، أو بصيرا بوجوه مصالحنا فأعطنا ما هو أصلح لنا (٥).
قوله تعالى : (قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى (٣٦) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى (٣٧) إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى (٣٨) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) (٣٩)
قوله تعالى : (قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى. وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى) فعل بمعنى مفعول كقولك (٦) : خبز بمعنى مخبوز وأكل بمعنى مأكول ، ولا ينقاس (٧) و«مرّة» مصدر ، و«أخرى» تأنيث آخر بمعنى : غير ، وزعم بعضهم أنها بمعنى آخرة فتكون مقابلة للأولى (٨) ، وتخيّل لذلك بأن قال سمّاها أخرى وهي أولى ، لأنها أخرى في الذكر (٩).
فصل
إن موسى (١٠) عليهالسلام (١١) لما سأل (١٢) ربه تلك (١٣) الأمور الثمانية ، وكان في المعلوم أن قيامه بما كلفه (١٤) (لا يتم إلا بإجابته إليها ، لا جرم أجابه الله تعالى إليها ليكون أقدر على إبلاغ ما كلف به) (١٥) فقال : «قد أوتيت سؤلك يا موسى. ولقد مننّا عليك مرّة أخرى» فنبه بذلك على أمور :
__________________
(١) تقديره : تسبيحا كثيرا. انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ٦٦. تفسير ابن عطية ١٠ / ٢٥ ، البيان ٢ / ٨٩٠ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٤٠.
(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٤٠.
(٣) التبيان ٢ / ٨٩٠ ، وانظر أيضا مشكل إعراب القرآن ٢ / ٦٦ ـ ٦٧.
(٤) في ب : الطاعة.
(٥) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٥٠ بتصرف.
(٦) في ب : كقوله.
(٧) انظر الكشاف ٢ / ٤٣٣.
(٨) وقد نفاه أبو حيان في البحر المحيط فقال : (وليست أخرى بمعنى آخرة فتكون مقابلة للأولى) ٦ / ٢٤٠.
(٩) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٤٠.
(١٠) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٥١.
(١١) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٢) في ب : لما ذكر لما سأل.
(١٣) في ب : في هذه. وهو تحريف.
(١٤) في ب : كلف به.
(١٥) ما بين القوسين سقط من ب.