وإنما قال : «مآرب» ، لأن «مآرب» في معنى جماعة ، فكأنه قال جماعة من الحاجات أخرى ، ولم يقل أخر لرؤوس الآي (١) (و«أخرى») (٢) كقوله : (الْأَسْماءُ الْحُسْنى)(٣) وقد تقدّم قريبا(٤).
قال أبو البقاء : ولو قال (٥) : أخر لكان (٦) على اللفظ (٧). يعني أخر كقوله : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)(٨) بضم (٩) الهمزة وفتح الخاء واللفظ (١٠) لفظ الجمع. ونقل (١١) الأهوازي (١٢) عن شيبة (١٣) والزهري (١٤) : مارب» قال : بغير همز كذا أطلق والمراد بغير همز محقق بل مسهل بين بين وإلا فالحذف بالكلية شاذ (١٥).
فصل
قيل (١٦) : كما قال : (هِيَ عَصايَ) فقد تم الجواب إلا أنه عليهالسلام (١٧) ذكر الوجوه الأخر ، لأنه (١٨) كان يحب المكالمة مع ربه تعالى (١٩) ، فجعل ذلك كوسيلة إلى تحصيل هذا الغرض (٢٠).
__________________
(١) قال الزجاج : (وجاء «أخرى» على لفظ الواحدة ، لأن مآرب في معنى جماعة فكأنها جماعات من الحاجات أخرى ، فلو جاءت أخر كان صوابا) معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٣٥٥. وقال أبو حيان : (وعامل المآرب وإن كان جمعا معاملة الواحدة المؤنثة فأتبعها صفتها في قوله : «أخرى» ولم يقل أخر رعيا للفواصل ، وهو جائز في غير الفواصل ، وكان أجود وأحسن في الفواصل) البحر المحيط ٦ / ٢٣٥.
(٢) ما بين القوسين سقط من ب.
(٣) من قوله تعالى : «اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» [طه : ٨].
(٤) قبل صفحات.
(٥) في الأصل : قيل.
(٦) في ب : كان.
(٧) انظر التبيان ٢ / ٨٨٨.
(٨) من الآية : (١٨٤ ، ١٨٥) من سورة البقرة.
(٩) ما بين القوسين سقط من الأصل.
(١٠) في الأصل : وباللفظ وهو تحريف.
(١١) ونقل : سقط من ب.
(١٢) هو الحسن بن علي بن إبراهيم الأستاذ أبو علي الأهوازي صاحب المؤلفات شيخ القراء في عصره ، قرأ على إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد الطبري وقرأ عليه أبو علي الحسن بن قاسم الهذلي وغيرهما مات سنة ٤٤٦ ه طبقات القراء ١ / ٢٢٠ ـ ٢٢٢.
(١٣) هو شيبة بن عمرو بن ميمون المصيصي ، روى القراءة عن حماد بن سلمة عن عاصم ، روى القراءة عنه عيسى بن مهران القومسي. طبقات القراء ١ / ٣٢٩.
(١٤) هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب أبو بكر الزهري ، المدني ، تابعي وردت عنه الرواية في حروف القرآن ، قرأ على أنس بن مالك ، روى عن عبد الله بن عمر ، وعن أنس بن مالك ، وعرض عليه نافع بن أبي نعيم ، وروى عنه مالك بن أنس وغيره مات سنة ١٠٥ ه طبقات القراء ٢ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣.
(١٥) لأن كل همزة مفتوحة كانت قبلها فتحة فإنك تجعلها إذا أردت تخفيفها بين الهمزة والألف الساكنة وتكون بزنتها مخففة ، غير أنك تضعف الصوت ولا تتمه وتخفي لأنك تقربها من هذه الألف الكتاب ٣ / ٤١ ه ٥٤٢ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٥.
(١٦) قيل : سقط من ب.
(١٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٨) في ب : إلا أنه.
(١٩) تعالى : سقط من ب.
(٢٠) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٦.