كان شرطا فيهما ، فهاهنا أيضا لو كان الترتيب شرطا فيهما لما كان (١) يسقط (٢) بالنسيان.
قوله تعالى : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (١٥) فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى)(١٦)
قوله تعالى (٣) : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها).
(لمّا خاطب موسى عليهالسلام بقوله : «فاعبدني وأقم الصّلاة لذكري» أتبعه بقوله : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها)) (٤) ، وما أليق هذا بتأويل من تأوّل (٥) قوله : «لذكري» أي لأذكرك بالإثابة والكرامة فقال عقيب ذلك (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ) لأنها وقت الإثابة ووقت المجازاة ، ثم قال (أَكادُ أُخْفِيها)(٦). العامة على ضم الهمزة من «أخفيها» (٧).
وفيها تأويلات :
أحدها : أن الهمزة في «أخفيها» للسلب والإزالة ، أي : أزيل خفاءها نحو : أعجمت الكتاب أي: أزلت عجمته ، وأشكيته أي أزلت شكواه (٨) ، ثم في ذلك معنيان :
أحدهما : أن الخفاء بمعنى (الستر (٩)) (١٠) ، ومتى أزال سترها فقد أظهرها ، والمعنى : أنها لتحقّق وقوعها وقربها (١١) أكاد أظهرها لو لا ما تقتضيه الحكمة من التأخير.
والثاني : أن الخفاء هو الظهور (١٢) كما سيأتي ، والمعنى : أزيل ظهورها ، وإذا (١٣) أزال ظهورها فقد استترت ، والمعنى : أن (١٤) لشدّة إبهامها أكاد أخفيها فلا أظهرها ألبتة وإن كان لا بد من إظهارها ، ولذلك(١٥) يوجد في بعض المصاحف كمصحف أبيّ : «أكاد أخفيها من (١٦) نفسي فكيف أظهركم عليها» (١٧) وهو على عادة العرب في المبالغة في الإخفاء ، قال الشاعر :
٣٦٤٤ ـ أيّام تصحبني هند وأخبرها |
|
ما كدت أكتمه عنّي من الخبر (١٨) |
__________________
(١) كان : سقط من ب.
(٢) في ب : سقط. وهو تحريف.
(٣) تعالى : سقط من ب.
(٤) ما بين القوسين سقط من ب.
(٥) في ب : بتأويل من تأويل.
(٦) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢١.
(٧) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٢.
(٨) البيان ٢ / ١٣٩ ، التبيان ٢ / ٨٨٧ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٢.
(٩) البحر المحيط ٦ / ٢٣٢.
(١٠) ما بين القوسين في الأصل : السر.
(١١) وقربها : سقط من ب.
(١٢) وهو من الأضداد. انظر مجاز القرآن ٢ / ١٦ ، التبيان ٢ / ٨٨٧ والبحر المحيط ٦ / ٢٣٢.
(١٣) في ب : إذا.
(١٤) في الأصل : أني.
(١٥) في ب : وكذلك.
(١٦) في ب : في.
(١٧) معاني القرآن للفراء ٢ / ١٧٦ ، المختصر (٨٧) ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٣.
(١٨) البيت من بحر البسيط لم أهتد إلى قائله وهو في القرطبي ١١ / ١٨٥ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٣. وروي الشطر الثاني في تفسير القرطبي : ما أكتم النفس من حاجي وأسراري.