المقابلة من حيث المعنى ، وإن لم تحسن المقابلة (١) من حيث التركيب اللفظي (٢). قال : وفي تقدير الزمخشري الأمر إلقاؤك لا مقابلة فيه (٣). وتقدم نظير هذا في الأعراف (٤).
فصل (٥)
معنى الكلام : إما أن تلقي ما معك قبلنا (وإما أن نلقي ما معنا قبلك) (٦) وهذا التخيير مع تقديمه (٧) في الذكر حسن أدب منهم وتواضع ، فلا جرم رزقهم الله (٨) الإيمان ببركته ، ثم إن موسى ـ عليهالسلام (٩) ـ قابل أدبهم بأدب فقال : (بَلْ أَلْقُوا).
فإن قيل : كيف يجوز أن يقول موسى (بَلْ أَلْقُوا) فيأمرهم بما هو سحر وكفر لأنهم إذا قصدوا بذلك تكذيب موسى ـ عليهالسلام (١٠) ـ كان كفرا؟
فالجواب من وجوه :
الأول : لا نسلم أن نفس الإلقاء كفر ، لأنهم إذا ألقوا وكان غرضهم أن يظهروا (١١) الفرق بين ذلك(١٢) الإلقاء وبين معجزة موسى ـ عليهالسلام (١٣) ـ (كان ذلك الإلقاء إيمانا إنما الكفر هو القصد إلى تكذيب موسى ـ عليهالسلام ـ ، وهو عليهالسلام) (١٤) إنما أمر بالإلقاء لا بالقصد إلى التكذيب (١٥) فزال السؤال.
والثاني : ذلك الأمر كان مشروطا ، والتقدير : ألقوا ما أنتم ملقون إن كنتم محقين ، كقوله تعالى(١٦) : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ)(١٧) (أي : إن كنتم قادرين) (١٨).
الثالث : أنه لما تعيّن ذلك (١٩) طريقا إلى كشف الشبهة صار ذلك جائزا ، وهذا
__________________
(١) في الأصل : مقابلة.
(٢) البحر المحيط ٦ / ٢٥٨. وفيه : وإن كان من حيث التركيب اللفظي لم تحصل المقابلة ، وقال بعد ذلك : (لأنا قدرنا إلقاؤك أول ، ومقابلة كونهم يكونون أول من يلقي ، لكنه يلزم من ذلك أن يكون القاؤهم أول فهي مقابلة معنوية).
(٣) البحر المحيط ٦ / ٢٥٨.
(٤) عند قوله تعالى : «قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ» [الأعراف : ١١٥]. انظر اللباب ٤ / ٨٢ ـ ٨٣.
(٥) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٨١ ـ ٨٢.
(٦) ما بين القوسين سقط من ب.
(٧) في ب : مع تقديم. وهو تحريف.
(٨) لفظ الجلالة سقط من الأصل.
(٩) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٠) في ب : عليه الصلاة السلام.
(١١) في الأصل : يظهر.
(١٢) ذلك : سقط من ب.
(١٣) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٤) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٥) في ب : لا يقصد التكذيب.
(١٦) تعالى : سقط من ب.
(١٧) [البقرة : ٢٣].
(١٨) ما بين القوسين سقط من ب. وفيه : إن كنتم صادقين.
(١٩) ذلك : سقط من ب.