وقرأ الجمهور «أءذا» بالاستفهام (١) ، وهو استبعاد كما تقدم (٢). وقرأ ابن ذكوان (٣) بخلاف عنه ، وجماعة «إذا» بهمزة واحدة (٤) على الخبر أو (٥) الاستفهام وحذف أداته للعلم بها ، ولدلالة القراءة الأخرى عليها.
وقرأ طلحة بن مصرّف (٦) «لسأخرج» بالسين دون سوف. هذا نقل الزمخشري عنه (٧). وغيره نقل «سأخرج» دون لام الابتداء (٨) ، وعلى هذه القراءة يكون العامل (٩) في الظرف نفس «أخرج» ، ولا يمنع حرف التنفيس (١٠) على الصحيح (١١).
وقرأ العامة «أخرج» مبنيا للمفعول (١٢). والحسن ، وأبو حيوة «أخرج» مبنيا للفاعل(١٣). و«حيّا» حال مؤكدة (١٤) ، لأنّ من لازم خروجه أن يكون حيّا ، وهو كقوله : (أُبْعَثُ حَيًّا)(١٥).
فصل
لما أمر بالعبادة (١٦) والمصابرة عليها ، فكأنّ سائلا سأل وقال : هذه العبادات لا منفعة فيها في الدنيا ، وأمّا في (١٧) الآخرة فقد أنكرها قوم ، فلا (١٨) بدّ من ذكر الدلالة على القول بالحشر حتى تظهر فائدة الاشتغال بالعبادة ، فلهذا حكى الله ـ تعالى ـ قول منكري الحشر ، فقال : (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ) الآية ، قالوا ذلك على سبيل الإنكار والاستبعاد وذكروا في الإنسان وجهين :
__________________
(١) انظر البحر المحيط : ٦ / ٢٠٦.
(٢) أي : هو استفهام فيه معنى الجحد والاستبعاد.
(٣) تقدم.
(٤) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٠٦.
(٥) في ب : على جواز.
(٦) تقدم.
(٧) الكشاف ٢ / ٤١٨.
(٨) المختصر (٨٥).
(٩) في ب : العالم. وهو تحريف.
(١٠) التنفيس : مكرر في ب.
(١١) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٠٦.
(١٢) تفسير ابن عطية ٩ / ٥٠٦ ، البحر المحيط ٦ / ٢٠٧.
(١٣) المختصر (٨٥) تفسير ابن عطية ٩ / ٢٠٦ ، البحر المحيط ٦ / ٢٠٦.
(١٤) الحال المؤكدة هي التي يستفاد معناها بدون ذكرها ، وتكون مؤكدة لمضمون جملة قبلها نحو «زيد أبوك عطوفا» ، أو لعاملها كقوله تعالى : «وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا» [مريم : ٣٣] أو لصاحبها كقوله تعالى :«لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً» [يونس : ٩٩]. فإنّ الأبوة من شأنها العطف ، والبعث من لازمه الحياة ، والعموم من مقتضياته الجمعية.
شرح التصريح ١ / ٣٦٧.
(١٥) من قوله تعالى : «وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا» [مريم : ٣٣].
(١٦) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٤١ ـ ٢٤٢.
(١٧) في : سقط من الأصل.
(١٨) في ب : ولا.