والثاني : أنه فعل ماض ، أي : وأخفى الله عن (١) عباده غيبه كقوله : (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)(٢).
قوله : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ)(٣) الجلالة إما مبتدأ والجملة المنفية خبرها ، وإما خبر (٤) لمبتدأ محذوف ، أي هو الله. والحسنى تأنيث الأحسن ، وقد تقدم أن جمع التكسير في غير (٥) العقلاء يعامل معاملة المؤنثة الواحدة (٦).
ولما ذكر صفاته وحّد نفسه فقال : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى).
فصل
قالوا (٧) : كلمة «لا» ههنا دخلت على الماهية ، فانتفت الماهية ، وإذا انتفت الماهية تنتفي كل أفرادها. وإنما «الله» اسم علم للذات المعينة ، إذ لو كان اسم معنى لكان كلها محتملا للكثرة فلم تكن هذه الكلمة مفيدة للتوحيد.
وقالوا : «لا» استحقت عمل «إنّ» (٨) لمشابهتها لها من وجهين :
الأول : ملازمة الأسماء (٩).
والآخر : تناقضهما. فإن أحدهما لتأكيد الثبوت (١٠) ، والآخر لتأكيد النفي ، ومن عادتهم تشبيه أحد الضدين بالآخر في الحكم (١١) ، وإذا كان كذلك ، فنقول : لمّا قالوا : إنّ زيدا ذاهب كان يجب أن يقولوا : (لا رجلا ذاهب) (١٢) إلّا أنهم بنوا «لا» مع ما دخل عليه من الاسم المفرد على الفتح : أما البناء فلشدة اتصال حرف النفي بما (١٣) دخل عليه كأنهما صارا مفردا واحدا (١٤) وأما الفتح فلأنهم قصدوا البناء على الحركة المستحقة توفيقا
__________________
(١) في ب : من.
(٢) من قوله تعالى : «يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً» [طه : ١١٠]. انظر التبيان ٢ / ٨٨٥ ـ البحر المحيط ٦ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧.
(٣) في ب : «الله لا إله إلّا هو له الأسماء الحسنى».
(٤) في ب : خبر. وهو تحريف.
(٥) في ب : عن. وهو تحريف.
(٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٢٧.
(٧) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١١.
(٨) في ب : استحقت عملا. وهو تحريف.
(٩) في ب : الأول عمل الأسماء وملازمتها.
(١٠) في ب : النبوة. وهو تحريف.
(١١) في شرح التصريح : (قال أبو البقاء : وإنما عملت (لا) عمل (إنّ) لمشابهتها من أربعة أوجه : أحدها : أن كلّا منهما يدخل على الجملة الاسمية. الثاني : أن كلّا منهما للتأكيد ف (لا) لتأكيد النفي و(إنّ) لتأكيد الإثبات. والثالث : أن (لا) نقيضة (إنّ) والشيء يحمل على نقيضه كما يحمل على نظيره.
والرابع : أن كلّا منهما له صدر الكلام. ١ / ٢٣٥.
(١٢) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٣) في ب : ما. وهو تحريف.
(١٤) في ب : كأنما مما دخلا مفردا. وهو تحريف.