فصل
المعنى : (لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ) أحدا من الناس (إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) أي : إلا من أذن له الله أن يشفع له (١)(وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) أي رضي قوله (٢).
قال ابن عباس : يعني قال : لا إله إلّا الله (٣). وهذا يدل على أنه لا يشفع لغير المؤمنين (٣). وقالت المعتزلة (٤) : الفاسق غير مرضيّ عند الله (٥) ، فوجب أن لا يشفع الرسول في حقه. وهذه الآية من أقوى (٦) الدلائل على ثبوت (٧) الشفاعة في حق الفساق ، (لأن قوله : (وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) يكفي صدقه أن يكون الله تعالى قد رضي له قولا واحدا من أقواله) (٨) ، والفاسق قد ارتضى الله من قوله (٩) شهادة أن لا إله إلّا الله. فوجب أن تكون الشفاعة نافعة له ، لأن الاستثناء من النفي إثبات فإن (١٠) قيل : إنّه تعالى استثنى من ذلك النفي بشرطين : أحدهما حصول الإذن. والثاني : أن يكون رضي له قولا. فهب أنّ الفاسق قد حصل فيه أحد الشرطين ، وهو أنه تعالى (١١) قد رضي (١٢) له قولا ، فلم قلتم : إنه (١٣) أذن فيه؟
فالجواب أنّ هذا القيد كاف في حصول الاستثناء لقوله تعالى : (لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى)(١٤) فاكتفى هناك بهذا القيد. ودلّت هذه الآية على أنه لا بد من الإذن ، فظهر من مجموعهما أنه (١٥) إذا رضي له قولا يحصل (١٦) الإذن في الشفاعة ، وإذا حصل القيدان حصل الاستثناء وتم المقصود (١٧).
قوله : (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) الضمير في قوله : (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) عائد إلى (١٨) الذين يتبعون الداعي (١٩).
ومن قال : إن قوله : (مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) المراد به الشافع (قال : الضمير عائد إليه) (٢٠) ، والمعنى : لا تنفع شفاعة الملائكة والأنبياء إلا لمن (٢١) أذن له الرحمن في أن
__________________
(١) في ب : عنده. وهو تحريف.
(٢) في ب : أي ورضي قولا.
(٣) انظر البغوي ٥ / ٤٥٩.
(٣) انظر البغوي ٥ / ٤٥٩.
(٤) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١١٨ ـ ١١٩.
(٥) في ب : الله تعالى.
(٦) في ب : وهذا من أقوى.
(٧) في ب : قبول.
(٨) ما بين القوسين سقط من ب.
(٩) في ب : أقواله. وهو تحريف.
(١٠) في ب : فإنه. وهو تحريف.
(١١) في ب : وهو أن الله.
(١٢) قد : سقط من الأصل.
(١٣) أنه : سقط من الأصل.
(١٤) [الأنبياء : ٢٨].
(١٥) في الأصل : على أنه.
(١٦) في النسختين لا يحصل.
(١٧) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ١١٨ ـ ١١٩.
(١٨) في ب : على.
(١٩) أي إلى المشفوع.
(٢٠) ما بين القوسين سقط من ب. الضمير عائد إلى الشافع.
(٢١) في ب : على.