الجدول ، فقال له الحسن «من ثمّ [تعجبني مجالستك» (١)](٢).
واحتجّ من قال : هو النّهر بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم سئل عن السّريّ ، فقال ـ صلوات الله عليه وسلامه (٣) ـ هو الجدول ، وبقوله سبحانه وتعالى : (فَكُلِي وَاشْرَبِي) فدلّ على أنّه النّهر ؛ حتى ينضاف الماء إلى الرّطب ، فتأكل وتشرب.
واحتجّ من قال : إنّه عيسى بأنّ النهر لا يكون تحتها ، بل إلى جنبها ، ولا يجوز أن يكون يجاب عنه بأن المراد أنّه جعل النّهر تحت أمرها يجري بأمرها ، ويقف بأمرها ؛ لقوله : (وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) [الزخرف : ٥١] لأنّ هذا حمل اللفظ على مجازه ، ولو حملناه على عيسى ، لم يحتج إلى هذا المجاز.
وأيضا : فإنّه موافق لقوله : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) [المؤمنون : ٥٠].
وأجيب (٤) : بما تقدّم أن المكان المستوي ، إذا كان فيه مبدأ معيّن ، فكلّ من كان أقرب منه ، كان فوق ، وكل من كان أبعد منه ، كان تحت.
فصل في التفريع على القول بأن السريّ النهر
إذا قيل : إنّ السّريّ : هو النّهر ، ففيه وجهان :
الأول : قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ : إنّ جبرائيل ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ ضرب برجله الأرض (٥).
وقيل : عيسى ؛ فظهرت عين ماء عذب ، وجرى.
وقيل : كان هناك ماء جار ، والأول أقرب ؛ لأنّ قوله (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) يدلّ على الحدوث في ذلك الوقت ؛ ولأنّ الله تعالى ذكره تعظيما لشأنها ، وذلك لا يدلّ إلا على الوجه الذي قلناه.
وقيل : كان هناك نهر يابس أجرى الله فيه الماء ، وحيث النخلة اليابسة ، فأورقت ، وأثمرت ، وأرطبت.
__________________
(١) في ب : تعجبنا مجالسك.
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٤٨٣) وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٣) ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٧ / ٥٧) عن البراء مرفوعا وعزاه إلى الطبراني في «الصغير» وقال : وفيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٤٨٣) وزاد نسبته إلى ابن مردويه.
وفي الباب عن ابن عمر : ذكره الهيثمي في «المجمع» (٧ / ٥٧ ـ ٥٨) وقال : رواه الطبراني وفيه يحيى ابن عبد الله البابلتي وهو ضعيف.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٤٨٣) وزاد نسبته إلى ابن مردويه وابن النجار.
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٢١ / ١٧٥.
(٥) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ١٩٣).