الرابع : أنه مجزوم أيضا بحذف حرف العلة ، وهذه الألف (١) ليست تلك ، أعني لام الكلمة ، إنما هي ألف إشباع أتي بها موافقة للفواصل ورؤوس الآي (٢) ، فهي كالألف في قوله : «الرّسولا» (٣) و(٤) «السّبيلا» (٥) ، و«الظّنونا» (٦).
وهذه الأوجه إنما يحتاج إليها في قراءة جزم «لا تخف» ، وأما من قرأه مرفوعا فهذا معطوف عليه ، أي لا تخاف إدراك فرعون ولا تخشى الغرق (٧).
قوله : (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ) قال أبو مسلم : يزعم رواة اللغة أنّ «أتبعهم وتبعهم» واحد ، وذلك جائز (٨) ويحتمل أن تكون الباء زائدة ، أي أتبعهم فرعون جنوده (٩) كقوله : (لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي)(١٠)(أَسْرى بِعَبْدِهِ)(١١)(١٢)(١٣).
وقال غيره (١٤) : في باء «بجنوده» أوجه :
أحدها (١٥) : أن تكون الباء للحال ، وذلك على أن (أتبع) متعد (١٦) لاثنين حذف ثانيهما ، والتقدير : فأتبعهم فرعون عقابه (١٧) ، وقدّره أبو حيّان : رؤساءه وحشمه (١٨).
قال شهاب الدين : والأول أحسن (١٩).
__________________
ـ إذا العجوز غضبت فطلّق |
|
ولا ترضّاها ولا تملّق |
وقيل : إن الجزم بحذف الحركة وإبقاء حرف العلة على حاله انظر اللباب ٥ / ٦٨.
(١) في ب : العلة. وهو تحريف.
(٢) انظر الكشاف ٢ / ٤٤٢ ، البيان ٢ / ١٥١ ، التبيان ٢ / ٨٩٩ ، البحر المحيط ٦ / ٢٦٤.
(٣) من قوله تعالى : «يَوْمَ نقلب وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا» [الأحزاب : ٦٦].
(٤) و : سقط من ب.
(٥) من قوله تعالى : «وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا» [الأحزاب : ٦٧].
(٦) من قوله تعالى : «[الأحزاب : ١٠] وذلك أن نافعا وابن عامر وأبو بكر قرأوا بالألف في الثلاثة في الوصل والوقف. وكذلك حفص وابن كثير والكسائي غير أنهم يحذفون الألف في الوصل ، وحجة من قرأ بهذه القراة موافقة الفواصل ورؤوس الآي. انظر الكشف ٢ / ١٩٤ ـ ١٩٥.
(٧) انظر التبيان ٢ / ٨٩٩.
(٨) فتكون الباء معدية : لأن أتبع مثل تبع يتعدّى إلى واحد ، فإذا تعدّى إلى الثاني يكون بواسطة حرف التعدية وهو الباء. وانظر فعلت وأفعلت للزجاج (١٢). والفخر الرازي ٢٢ / ٩٣.
(٩) وهي زائدة في المفعول الثاني ، وذلك على أن أتبع يتعدّى إلى اثنين ، فتكون الهمزة هي المعدية.
(١٠) من قوله تعالى : «قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي» [طه : ٩٤].
(١١) من قوله تعالى : «سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» [الإسراء : ١].
(١٢) الفخر الرازي ٢٢ / ٩٣.
(١٣) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٤) في ب : وقال بعضهم.
(١٥) في ب : الأول.
(١٦) في ب : متعدي.
(١٧) انظر التبيان ٢ / ١٥١ ، والتبيان ٢ / ٨٩٩.
(١٨) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٦٤.
(١٩) الدر المصون ٥ / ٣٤.