وأما قراءة الحسن فالموعد فيها مصدر (١) لا غير ، والمعنى : إنجاز وعدكم يوم الزينة ، وطابق هذا أيضا من طريق المعنى ، ويجوز أن لا يقدر مضاف محذوف ويكون المعنى : اجعل بيننا وبينك وعدا لا نخلفه (٢).
وقال أبو البقاء : هو هنا مصدر لقوله : (لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ)(٣) والجعل هنا بمعنى التصير و«موعدا» مفعول أول ، والظرف هو الثاني ، والجملة من قوله : (لا نُخْلِفُهُ) صفة لموعد ، و«نحن» توكيد مصحّح للعطف على الضمير المرفوع (٤) المستتر في «نخلفه» (٥) و(٦) «مكانا» بدل من المكان المحذوف كما قدره الزمخشري (٧). وجوز أبو علي الفارسي وأبو البقاء أن ينتصب «مكانا» على المفعول الثاني ل «اجعل» قال : و«موعدا» على هذا مكان أيضا ، ولا ينتصب بموعد لأنه مصدر قد وصف(٨).
يعني (٩) أنه يصح (نصبه مفعولا ثانيا ، ولكن بشرط أن يكون الموعد بمعنى المكان ليطابق المبتدأ الخبر) (١٠) في الأصل. وقوله : ولا ينتصب بالمصدر يعني أنه لا يجوز أن يدعى انتصاب «مكانا» بموعد ، والمراد بالموعد المصدر ، وإن كان جائزا من جهة المعنى ، لأن الصناعة تأباه (وهو وصف المصدر. والمصدر شرط إعماله : عدم وصفه قبل العمل عند الجمهور (١١)) (١٢).
__________________
(١) في ب : فالمصدر فيها موعد.
(٢) الكشاف ٢ / ٤٣٧ ـ ٤٣٨.
(٣) التبيان ٢ / ٨٩٣.
(٤) المرفوع : سقط من ب.
(٥) لأنه لا يحسن العطف على الضمير المرفوع المتصل بارزا كان أو مستترا إلا بعد توكيده بضمير منفصل نحو قوله تعالى : «لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ» [الأنبياء : ٥٤] أو بتوكيد معنوي كقول الشاعر :
ذعرتم أجمعون ومن يليكم |
|
برؤيتنا وكنّا الظافرينا |
أو بعد وجود فاصل بين المعطوف والمعطوف عليه نحو قوله تعالى : يدخلونها ومن صلح من آبائهم [الرعد : ٢٣] أو وجد فصل ب «لا» النافية بين حرف العطف والمعطوف نحو قوله تعالى : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) [الأنعام : ١٤٨] وفي ذلك يقول ابن مالك :
وإن على ضمير رفع متصل |
|
عطفت فافصل بالضمير المنفصل |
أو فاصل ما ...
انظر شرح التصريح ٢ / ١٥٠ ـ ١٥١.
(٦) في ب : أو. وهو تحريف.
(٧) عند اختياره أن «موعدا» مصدر بمعنى الوعد ، وقدّر محذوفا أي مكان الوعد عندما قال : (فيبقى أن يجعل مصدرا بمعنى الوعد ، ويقدر مضاف ، أي مكان الوعد ، ويجعل الضمير في «نخلفه» للموعد ، و«مكانا» بدل من المكان المحذوف) الكشاف ٢ / ٤٣٨.
(٨) التبيان ٢ / ٨٩٣ ـ ٨٩٤ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٥٣.
(٩) في ب : بمعنى.
(١٠) ما بين القوسين سقط من ب.
(١١) أي أن من شروط إعمال المصدر على الفعل أن يكون غير منعوت قبل تمام عمله ، فلا يجوز أعجبني ضربك المبرّح زيدا ، لأن معمول المصدر بمنزلة الصلة من الموصول فلا يفصل بينهما فإن ورد ما يوهم ذلك قدّر فعل بعد النعت يتعلق به المعمول المتأخر وبقية التوابع كالنعت في ذلك الهمع ٢ / ٩٣ شرح الأشموني ٢ / ٢٨٦.
(١٢) ما بين القوسين سقط من ب.