وقال بعض النحويين : إنه (١) إذا كان العامل معنويا والحال ظرف (٢) أو عديله حسن التقديم عند الأخفش وغيره ، وهذا منه (٣) ، أو يكون ظرفا للعلم نفسه ، أو يكون حالا من المضاف إليه ، وهو الضمير في «علمها» (٤) ولا يجوز أن يكون (فِي كِتابٍ) متعلقا ب «علمها» على قولنا : إنّ (عِنْدَ رَبِّي) الخبر ، كما جاز تعلق «عند» به ، لئلا يلزم الفصل بين المصدر ومعموله بأجنبي (٥) وقد تقدم أنه لا يخبر عن الموصول إلا بعد تمام صلته.
الثالث : أن يكون الظرف وحرف الجر معا خبرا واحدا في المعنى فيكون بمنزلة : هذا حلو حامض ، قاله أبو البقاء (٦). وفيه نظر إذ كل منهما يستقل بفائدة الخبرية بخلاف هذا حلو حامض. والضمير في «علمها» فيه وجهان : أظهرهما : عوده على «القرون» (٧) والثاني : عوده على القيامة لدلالة ذكر «القرون» على ذلك لأنه سأله (٨) عن بعث الأمم ، والبعث يدل على القيامة (٩).
قوله : (لا يَضِلُّ رَبِّي) في هذه الجملة وجهان :
أحدهما (١٠) : أنّها في محل جر صفة ل «كتاب» ، والعائد محذوف تقديره : في كتاب لا يضلّه ربّي ، أو (١١) لا يضل حفظه ربّي ، ف «ربّي» ، فاعل «يضلّ» على هذا التقدير.
وقيل : تقديره : لا يضلّ (١٢) الكتاب ربّي ، فيكون في «يضلّ» ضمير يعود على الكتاب ، و«ربّي» منصوب على التعظيم (١٣) ، وكان الأصل عن ربي ، فحذف الحرف اتساعا.
__________________
(١) أنه : سقط من ب.
(٢) في ب : والظرف حال.
(٣) ذكر الرضي أن الأخفش يجوز تقديم الحال على عاملها المعنوي مطلقا ، وأن ابن برهان صرح بجواز تقديم الحال على عاملها المعنوي الذي هو ظرف أو جار ومجرور ، وذلك لتوسعهم في الظرف حتى جاز أن يقع موضعا لا يقع غيرها فيه نحو قوله تعالى : «إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ» [الغاشية : ٥] فقوله تعالى «عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ» نرى أن «عند» ظرف وقع حالا وهو متقدم على عامله النحوي وهو جار ومجرور. شرح الكافية ١ / ٢٠٤ ـ ٢٠٥.
(٤) انظر التبيان ٢ / ٨٩٢.
(٥) وذلك أن المصدر لا يفصل بينه وبين ما عمل فيه بأجنبي ، والمراد بالأجنبي أن لا يكون للمصدر فيه عمل ، فلو قلت : أعجب ركوب الدابة زيدا عمرو. لم يجز ، لأن زيدا أجنبي من المصدر الذي هو الركوب ، إذ لم يكن فيه تعلق ، وقد فصلت بين المصدر وما عمل فيه. التبيان ٢ / ٨٩٢ ، شرح المفصل ٦ / ٦٧.
(٦) التبيان ٢ / ٨٩٢ أي من تعدد الخبر في اللفظ دون المعنى ، إذ معنى حلو حامض : مزّ ، وضابطه أن لا يصدق الإخبار ببعضه عن المبتدأ البيان ٢ / ١٤٣ ، شرح الأشموني ١ / ٢٢٢.
(٧) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٤٨.
(٨) في ب : سأل.
(٩) البحر المحيط ٦ / ٢٤٨.
(١٠) في ب : الأول.
(١١) في ب : و. وهو تحريف.
(١٢) لا يضل : سقط من ب.
(١٣) التبيان ٢ / ٨٩٢.