وقيل : إنما ردّ موسى علم ذلك إلى الله ، لأنه لم يعلم ذلك فإن (١) التوراة أنزلت بعد هلاك فرعون(٢) والمراد بالكتاب : اللوح المحفوظ.
قوله : (عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي) في خبر (٣) هذا المبتدأ وجوه :
أحدها (٤) : أنّه (عِنْدَ رَبِّي) وعلى هذا فقوله : (فِي كِتابٍ) متعلق بما تعلق به الظرف من الاستقرار ، أو (٥) متعلق بمحذوف على أنه حال من الضمير المستتر في الظرف ، أو خبر ثان (٦).
الثاني : أن الخبر قوله : (فِي كِتابٍ) ، فعلى هذا قوله : (عِنْدَ رَبِّي) معمول للاستقرار الذي تعلق به (فِي كِتابٍ) كما تقدم في عكسه ، أو يكون حالا من الضمير المستتر في الجار الواقع خبرا (٧) ، وفيه خلاف أعني تقديم الحال على عاملها المعنوي (٨) ، والأخفش يجيزه ويستدل بقراءة (٩) : (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)(١٠) ، وقوله :
٣٦٦٢ ـ رهط ابن كوز محقبي أدراعهم(١١) |
|
فيهم ورهط ربيعة بن حذار (١٢) |
__________________
(١) في ب : لأن.
(٢) البحر المحيط ٦ / ٢٤٨.
(٣) في ب : في تفسير وهو تحريف.
(٤) في ب : الأول.
(٥) في ب : و. وهو تحريف.
(٦) انظر التبيان ٢ / ٨٩٢.
(٧) انظر البيان ٢ / ١٤٢ ، التبيان ٢ / ٨٩٢.
(٨) تقديم الحال على عاملها المعنوي فيه خلاف بين النحويين : فذهب البصريون إلى منع تقديم الحال على عاملها المعنوي لضعفه نحو : سعيد مستقرّا عندك أو في الدار ، وما ورد من ذلك مسموعا يحفظ ولا يقاس عليه. وذهب الفراء والأخفش إلى جواز ذلك مطلقا ، واستدل على ذلك بقراءة عيسى بن عمر : «والسموات مطويّات بيمينه» بنصب «مطويّات» على الحال ، وهي متقدمة على عاملها المعنوي ، وقول الشاعر :
رهط ابن كوز محقبي أدراعهم |
|
فيهم ورهط وبيعة بن حذار |
ف (محقبي أدراعهم) وقع حالا من (فيهم).
وذهب الكوفيون إلى جواز ذلك إذا كانت الحال فيه من مضمر نحو أنت قائما في الدار وقيل : يجوز إن كان الحال ظرفا أو جارا ومجرورا. صرح بذلك ابن برهان كما في شرح الكافية ، لتوسعهم في الظروف نحو زيد عندك أمامك ، أو في الدار أمامك شرح الكافية ١ / ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ، الأشموني ٢ / ١٨١.
(٩) عيسى بن عمر ، وهي نصب «مطويّات». المختصر (١٣١).
(١٠) [الزمر : ٦٧]. والاستشهاد بالقراءة على تقديم الحال على عاملها المعنوي وتأويل المانع بأن «السّموات» عطف على الضمير المستتر في «قبضته» من قوله تعالى«وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ»لأنها بمعنى مقبوضة و«مطويّات» حال من «السّموات» و«بيمينه» ظرف لغو متعلق ب «مطويّات» انظر حاشية الصبان ٢ / ١٨٢.
(١١) في ب : أذراعهم. وهو تصحيف.
(١٢) البيت من بحر الكامل ، قاله النابغة الذبياني. رهط الرجل : قومه وقبيلته ، ما دون العشرة من الرجال لا يكون فيهم امرأة. وقد تقدم.