وأما قوله : (ما يُوحى)(١) معناه : أوحينا إلى أمّك ما يجب أن يوحى ، وإنما وجب ذلك الوحي ، لأن الواقعة عظيمة ، ولا سبيل إلى معرفة المصلحة فيها إلا بالوحي ، فكان الوحي فيها واجبا(٢).
قوله : (أَنِ اقْذِفِيهِ)(٣) يجوز أن تكون «أن» مفسّرة ، لأن الوحي (٤) بمعنى القول ، ولم يذكر الزمخشري غيره (٥). وجوز غيره أن تكون مصدرية ، ومحلها حينئذ النصب بدلا من «ما يوحى» (٦) والضمائر في (قوله : (أَنِ (٧ اقْذِفِيهِ) إلى آخرها (٨) عائدة (٩) على موسى ـ عليهالسلام (١٠) ـ لأنه المحدّث عنه (١١).
وجوّز بعضهم أن يعود الضمير في قوله : (فَاقْذِفِيهِ (١٢) فِي الْيَمِّ) للتابوت ، وما بعده وما قبله لموسى (١٣) ـ عليهالسلام (١٤) ـ وعابه الزمخشري وجعله تنافرا ومخرجا للقرآن عن إعجازه فإنه (١٥) قال : والضمائر كلها راجعة إلى موسى ، ورجوع (١٦) بعضها إليه وبعضها إلى التابوت فيه هجنة (١٧) لما يؤدي إليه من تنافر النظم ، فإن قلت (١٨) : المقذوف في البحر هو التابوت ، وكذلك الملقى إلى الساحل قلت (١٩) : ما ضرك لو جعلت المقذوف والملقى إلى الساحل هو موسى في جوف التابوت حتى لا تفرق الضمائر ، فيتنافر عليك (٢٠) النظم الذي هو أم إعجاز القرآن ، والقانون (٢١) الذي وقع عليه التحدي ، ومراعاته أهم ما يجب على المفسّر (٢٢).
قال أبو حيّان : ولقائل أن يقول : إن الضمير إذا كان صالحا لأن يعود على (٢٣)
__________________
(١) في الأصل : «ما أوحى».
(٢) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ٥١ ـ ٥٢ بتصرف.
(٣) في الأصل : فاقذفيه.
(٤) في ب : لأن معنى الوحي.
(٥) انظر الكشاف ٢ / ٤٣٣.
(٦) ذكر هذا الرأي مكي في مشكل إعراب القرآن ٢ / ٦٧ ، وابن الأنباري في البيان ٢ / ١٤٢ والعكبري في التبيان ٢ / ٨٩١ ، وزاد العكبري وجها آخر : وهو أن تكون على تقدير : هو أن اقذفيه أي خبر المبتدأ محذوف ، ويجوز أن تكون بمعنى أي.
(٧) ما بين القوسين سقط من ب.
(٨) وهي في قوله : «فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ».
(٩) في الأصل : عائد. وهو تحريف.
(١٠) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١١) انظر الكشاف : ٢ / ٤٣٣.
(١٢) في ب : «أَنِ اقْذِفِيهِ».
(١٣) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ٦٧ ، البيان ٢ / ١٤٢.
(١٤) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٥) في ب : فإن وهو تحريف.
(١٦) في ب : ورجع. وهو تحريف.
(١٧) الهجنة من الكلام : ما يعيبك.
(١٨) في ب : فإن قيل.
(١٩) في ب : فالجواب.
(٢٠) عليك : سقط من الأصل.
(٢١) في ب : والتابوت. وهو تحريف.
(٢٢) الكشاف ٢ / ٤٣٣.
(٢٣) في ب : إلى.