من الشفاعة على وجهي البدل وأصل (١) الاستثناء نحو : ما رأيت أحدا إلا زيدا (٢).
وقال بعضهم : إن المستثنى منه (٣) محذوف ، والتقدير : لا يملكون الشفاعة لأحد إلّا من اتّخذ عند الرحمن عهدا ، فحذف المسثنى «منه للعلم» (٤) به ، فهو كقول الآخر :
٣٦٢٧ ـ نجا سالم والنّفس منه بشدقه |
|
ولم ينج إلّا جفن سيف ومئزرا (٥) |
أي : ولم ينج بشيء.
وجعل (٦) ابن عطية الاستثناء متصلا ، وإن عاد الضمير في (لا يَمْلِكُونَ) على المجرمين فقط (٧) على أن يراد بالمجرمين الكفرة والعصاة من المسلمين (٨). قال أبو حيان : وحمل المجرمين على الكفار والعصاة بعيد (٩). قال شهاب الدين : ولا (١٠) بعد فيه ، وكما استبعد إطلاق المجرمين على العصاة كذلك يستبعد غيره إطلاق المتقين على العصاة ، بل إطلاق المجرم على العاصي أشهر من إطلاق المتقي عليه (١١).
فصل (١٢)
قال بعضهم : لا يملكون أن يشفعوا لغيرهم كما يملك المؤمنون (١٣).
وقال آخرون : لا يملك غيرهم أن يشفع لهم. وهذا أولى ، لأن الأول يجري مجرى إيضاح الواضح(١٤). وإذا ثبت ذلك دلت الآية على حصول الشفاعة لأهل الكبائر. لأنه قال عقيبه (إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) ، والتقدير : لا يشفع الشافعون إلا لمن اتّخذ عند الرّحمن عهدا ، يعني للمؤمنين» (١٥) ، كقوله : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى)(١٦) فكل من اتخذ عند الرحمن عهدا وجب دخوله فيه ، وصاحب الكبيرة اتخذ عند الرحمن عهدا ، وهو التوحيد ، فوجب دخوله تحته ، ويؤكده ما روى ابن مسعود أنه ـ عليهالسلام ـ (١٧) قال لأصحابه يوما : (١٨) «أيعجز أحدكم أن يتّخذ عند كلّ صباح ومساء (عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) قالوا : وكيف ذلك؟. قال : «يقول عند كلّ صباح ومساء» (١٩) : اللهمّ فاطر
__________________
(١) في ب : ووجه.
(٢) والاستثناء على هذا التقدير متصل. انظر الكشاف ٢ / ٤٢٤.
(٣) في ب : الاستثناء.
(٤) ما بين القوسين سقط من ب.
(٥) تقدم.
(٦) في ب : وقال.
(٧) فقط : سقط من ب.
(٨) انظر تفسير ابن عطية ٩ / ٥٣٦ ـ ٥٣٧.
(٩) انظر البحر المحيط ٦ / ٢١٨.
(١٠) في ب : لا.
(١١) الدر المصون ٥ / ١٧.
(١٢) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٤.
(١٣) في ب : الموصوف. وهو تحريف.
(١٤) في ب : الواصل. وهو تحريف.
(١٥) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٦) [الأنبياء : ٢٨].
(١٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٨) في ب : ذات يوم.
(١٩) ما بين القوسين سقط من ب.