والثاني : أن الواو ضمير ، وفيما يعود عليه حينئذ أربعة أوجه :
أحدها (١) : أنها تعود على الخلق جميعهم ، لدلالة ذكر الفريقين المتقين والمجرمين عليهم ، إذ هما قسماه (٢).
والثاني : أنه (٣) يعود على المتقين والمجرمين (٤) ، وهذا لا يظهر مخالفته للأول أصلا. لأن هذين القسمين هما (٥) الخلق كلّه.
والثالث : أنّه يعود على المتقين فقط ، أو المجرمين فقط ، وهو تحكّم.
قوله : (إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ) هذا الاستثناء يترتب على عود الواو (٦) على ماذا (٧)؟ فإن قيل بأنها تعود على الخلق ، أو على الفريقين المذكورين «أو على المتقين فقط» (٨).
فالاستثناء حينئذ متصل ، وفي محل المستثنى الوجهان المشهوران إما الرفع على البدل ، وإما النصب على أصل (٩) الاستثناء (١٠). وإن (١١) قيل : إنه يعود على المجرمين فقط كان استثناء منقطعا ، وفيه حينئذ(١٢) اللغتان المشهورتان : لغة الحجاز التزام النصب ، ولغة تميم جوازه مع جواز البدل «كالمتصل (١٣)». وجعل (١٤) الزمخشري هذا الاستثناء
__________________
(١) في ب : الأول.
(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٢١٧.
(٣) في ب : أنها.
(٤) انظر البحر المحيط ٦ / ٢١٧.
(٥) في ب : هو. وهو تحريف.
(٦) في ب : هذا الاستثناء يعود على الواو.
(٧) يريد على أي شيء يكون مرجع الضمير ، وهذا أحد أوجه استعمال (ماذا) ، وتكون كلها مركبة وهي اسم جنس بمعنى شيء ، أو اسم موصول بمعنى (الذي) على الخلاف في تخريج قول الشاعر :
دعي ماذا علمت سأتقيه |
|
ولكن بالمغيّب نبّئيني |
فالجمهور على أنّ (ماذا) كله مفعول (دعي) ثم اختلف ، فقال السيرافي وابن خروف (ما) موصول بمعنى (الذي) ، وقال الفارسي نكرة بمعنى شيء قال : لأن التركيب ثبت في الأجناس دون الموصولات ، انظر المغني ١ / ٣٠١.
(٨) أصل : سقط من ب.
(٩) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٠) وذلك أن المستثنى في الاستثناء المتصل إذا كان الكلام تاما غير موجب جاز فيه إتباعه للمستثنى منه في إعرابه على أنه بدل بعض من كل عند البصريين ، وعطف نسق عند الكوفيين لأن (إلّا) عندهم من حروف العطف في باب الاستثناء ، وهي عندهم بمنزلة (لا) العاطفة في أن ما بعدها مخالف لما قبلها ، والنصب على أصل الاستثناء. التبيان ٢ / ٢٨٨ ، البحر المحيط ٦ / ٢١٧ ، شرح التصريح ١ / ٣٤٩ ، ٣٥٠.
(١١) في ب : وأن.
(١٢) حينئذ : سقط من ب.
(١٣) وذلك أن المستثنى في الاستثناء المنقطع إن أمكن تسليط العامل عليه فالحجازيون يوجبون النصب ، لأنه لا يصح فيه الإبدال حقيقة من جهة أن المستثنى ليس من جنس المستثنى منه ، والتميميون يرجحون النصب ، ويجوزون الإتباع.
التبيان ٢ / ٢٨٨ ، البحر المحيط ٦ / ٢١٧ ، شرح التصريح ١ / ٣٥٢ ـ ٣٥٣.
(١٤) في ب : جعل.