أكلوني البراغيث (١) والفاعل (مَنِ اتَّخَذَ) لأنه (٢) في معنى الجمع قاله (٣) الزمخشري (٤) وفيه بعد ، وكأنه قيل : لا يملكون الشفاعة إلّا المتّخذون عهدا (٥).
قال أبو حيّان : ولا ينبغي (٦) حمل القرآن على هذه اللغة القليلة ، مع وضوح جعل الواو ضميرا. وقد قال الأستاذ أبو الحسن بن (٧) عصفور (٨) : إنّها لغة ضعيفة (٩).
قال شهاب الدين : قد قالوا (١٠) ذلك في قوله : (عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ)(١١)(وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)(١٢) فلهذا الموضع بهما أسوة (١٣). ثم قال أبو حيان : وأيضا فالألف ، والواو ، والنون التي تكون (١٤) علامات لا ضمائر لا يحفظ ما يجيء بعدها فاعلا إلا بصريح الجمع ، وصريح (١٥) التثنية ، «أو العطف» (١٦) ، أما أن يأتي بلفظ مفرد ويطلق على جمع أو مثنى (١٧) ، فيحتاج في إثبات مثل ذلك إلى نقل (١٨) ، وأما عود الضمائر مثناة أو مجموعة على مفرد في اللفظ يراد به المثنى والمجموع فمسموع معروف في لسان العرب ، على أنه يمكن قياس هذه العلامات على تلك الضمائر ولكن الأحوط أن لا يقال إلا بسماع (١٩).
__________________
(١) هي لغة طيىء ، أو أزد شنؤة ، أو بلحارث ، والمقصود بهذه اللغة أن بعض العرب تلحق الفعل علامة تدل على تثنية الفاعل أو جمعه نحو : قاما المحمدان ، وقاموا المحمدون ، وقمن الهندات ، فالألف والواو والنون حروف تدل على تثنية الفاعل وجمعه وليست ضمائر ، كما كانت التاء في (قامت هند) حرفا تدل على التأنيث عند جميع العرب وهذه اللغة يسميها النحويون لغة (أكلوني البراغيث).
المغني ٢ / ٣٦٥ ، الهمع ١ / ١٦٠.
(٢) في ب : لأن.
(٣) في ب : قال.
(٤) الكشاف ٢ / ٤٢٣ ـ ٤٢٤.
(٥) في ب : لا يملك الشفاعة إلّا من أي إلّا المتّخذ عهدا.
(٦) ولا ينبغي : سقط من ب.
(٧) بن : سقط من ب.
(٨) تقدم.
(٩) قال ابن عصفور : (وبعض العرب يلحق الفعل علامة تدل على تثنية الفاعل وجمعه ، وهي لغة ضعيفة) شرح جمل الزجاجي ١ / ١٦٧. وانظر البحر المحيط ٦ / ٢١٧.
(١٠) في ب : قال.
(١١) [المائدة : ٧١].
(١٢) [الأنبياء : ٣].
(١٣) الدر المصون : ٥ / ١٦.
(١٤) في ب : فالألف واللام والواو تكونون. وهو تحريف.
(١٥) في ب : أو بصريح. وهو تحريف.
(١٦) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٧) في ب : أو لمثنى. وهو تحريف.
(١٨) قال ابن هشام ردا على منع أبي حيان أن يقال على هذه اللغة : جاءوني من جاءك لأنها لم تسمع إلا مع ما لفظه جمع : (وأقول : إذا كان سبب دخولها بيان أن الفاعل الآتي جمع كان لحاقها هنا أولى ، لأن الجمعية خفية) المغني ٢ / ٣٧٦.
(١٩) البحر المحيط ٦ / ٢١٧.