في المعنى دون اللفظ ، لأن ذلك نوع منه (١). والعامة على فتح الغين والهاء. وابن وثاب والأعمش ورويت عن أبي عمرو بسكون الغين والهاء (٢) ، ونقل عن الأعمش وهو الأشهر عنه بضم الراء وما بعدها (٣). وقرأت فرقة بضمة وسكون فيهما (٤).
فصل
ومعنى «رغبا» : طمعا «ورهبا» : خوفا ، أي : رغبا في رحمة الله ، ورهبا من عذاب الله. (وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ) أي : متواضعين ، قال قتادة : ذلك لأمر الله (٥). وقال مجاهد : الخشوع هو الخوف اللازم في القلب (٦).
قوله تعالى : (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ)(٩١)
قوله تعالى : (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) الآية (٧). يجوز أن ينتصب قوله : «والّتي» نسقا على ما قبلها ، وأن ينتصب بإضمار اذكر (٨) ، وأن يرتفع بالابتداء ، والخبر محذوف ، أي : وفيما يتلى عليكم التي أحصنت (٩). ويجوز أن يكون الخبر «فنفخنا» وزيدت الفاء على رأي الأخفش نحو زيد فقائم (١٠). وفي كلام الزمخشري : نفخنا الروح في عيسى فيها (١١). قال أبو حيان مؤاخذا له : فاستعمل «نفخ» متعديا والمحفوظ أنه لا يتعدى فيحتاج في تعديه إلى سماع ، وغير متعد استعمله هو في قوله ؛ أي : نفخت في المزمار(١٢). انتهى ما آخذه به.
قال شهاب الدين : وقد سمع «نفخ» متعديا ، ويدل على ذلك ما قرىء في الشاذ «فانفخها فيكون طائرا» (١٣) ، وقد حكاها هو قراءة (١٤) ، فكيف ينكرها؟ فعليك بالالتفات إلى ذلك (١٥). وقال ابن الخطيب : جعلنا النفخ في مريم من جهة روحنا وهو جبريل ـ عليه
__________________
(١) التبيان ٢ / ٩٢٥.
(٢) المختصر (٩٢) ، البحر المحيط ٦ / ٣٣٦.
(٣) البحر المحيط ٦ / ٣٣٦.
(٤) المرجع السابق.
(٥) انظر البغوي ٥ / ٥٢٨.
(٦) المرجع السابق.
(٧) الآية : سقط من ب.
(٨) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣ / ٤٠٣ ، مشكل إعراب القرآن ٢ / ٨٦ ، البيان ٢ / ١٦٤ ، التبيان ٢ / ٩٢٥.
(٩) انظر التبيان ٢ / ٩٢٥.
(١٠) وذلك أن الأخفش يجيز زيادة الفاء في خبر المبتدأ مطلقا.
(١١) الكشاف ٣ / ٢٠.
(١٢) البحر المحيط ٦ / ٣٣٦.
(١٣) من قوله تعالى : «فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ» [آل عمران : ٤٩]. في البحر المحيط : (وقرأ بعض القراء «فأنفخها») ٢ / ٤٦٦. و«طائرا» قراءة نافع. وغيره قرأ «طيرا». انظر السبعة ٢٠٦.
(١٤) قال أبو حيان : (وقرأ بعض القراء «فأنفخها» أعاد الضمير على الهيئة المحذوفة إذ يكون التقدير : هيئة كهيئة الطير ، أو على الكاف على المعنى ، إذ هي بمعنى مماثلة هيئة الطير ، فيكون التأنيث هنا كما هو في المائدة في قوله : «فَتَنْفُخُ فِيها») البحر المحيط ٢ / ٤٦٦.
(١٥) الدر المصون : ٥ / ٥٧.