أبصرت دارك القاعة والعلالي (١) ، و«عدن» معرفة بمعنى العدن ، وهو الإقامة كما جعلوا فينة (٢) ، وسحر ، وأمس فيمن لم يصرفه أعلاما لمعاني الفينة والسحر والأمس (٣) ، فجرى مجرى العدن لذلك (٤) ، أو هو علم لأرض الجنة ، لكونها دار إقامة ، ولو لا ذلك لما ساغ الإبدال ، لأنّ النكرة لا تبدل من المعرفة إلا موصوفة ، ولما ساغ وصفها ب «التي» (٥).
قال أبو حيان : وما ذكره متعقب ، أما دعواه : إن عدنا علم لمعنى العدن (٦). فيحتاج إلى توقيف وسماع من العرب ، وكذا (٧) دعواه العلمية الشخصية فيه ، وأما قوله : ولو لا ذلك (٨) إلى قوله : موصوفة ؛ فليس مذهب البصريين ، لأن مذهبهم جواز إبدال النكرة من المعرفة وإن لم تكن موصوفة ، وإنما ذلك شيء قاله البغداديون ، وهم محجوجون بالسماع (٩) على ما بيناه ، وملازمته فاسدة. وأما قوله : ولما ساغ وصفهاب
__________________
(١) العلالي : جمع (علّيّة) بكسر العين وضمها مع تشديد اللام مكسورة والياء وهي الغرفة. انظر اللسان (علا).
(٢) الفينة : الحين ، الكسائي ، وغيره : الفينة : الوقت من الزمان. اللسان (فين).
(٣) ذلك أن (فينة) حين تجعل علما على الوقت المعين من الزمان منعت من الصرف للعلمية والعدل.
و(سحر) إذا أريد به سحر يوم بعينه واستعمل ظرفا مجردا من (ال) والإضاقة : كجئت يوم الجمعة سحر. فإنه ممنوع من الصرف للتعريف والعدل. فهو معرفة بالعلمية ، لأنه جعل علما لهذا الوقت ، وهو معدول عن السحر المقترن بأل.
و(أمس) إذا كان مرادا به اليوم الذي يليه يومك ، ولم يضف ولم يقرن بأل ، ولم يصغّر ، ولم يكسّر ، ولم يقع طرفا ، فإن بعض بني تميم يمنع صرفه مطلقا رفعا ونصبا وجرا ، لأنه علم معدول عن الأمس المعرف ب (ال) ، فيقولون : مضى أمس بالرفع بلا تنوين ، وشاهدت أمس ، وما رأيت زيدا من أمس.
بالفتح فيهما ، وبعضهم يخص ذلك الإعراب بحالة الرفع خاصة دون حالتي النصب والجر فيبنيه على الكسر فيهما ، والحجازيون يبنونه على الكسر مطلقا في الرفع والنصب والجر على تقديره متضمنا معنى اللام المعرفة.
شرح التصريح ٢ / ٢٢٣ ـ ٢٢٦.
(٤) في ب : و.
(٥) الكشاف ٢ / ٤١٥.
(٦) في ب : علما لمعان أي المعنى العدن.
(٧) في ب : وكذلك.
(٨) في الأصل : ذاك.
(٩) إبدال النكرة من المعرفة من الأمور المختلف فيها بين البصريين ، والكوفيين ، والبغداديين ، فذهب الكوفيون ، والبغداديون إلى جواز إبدال النكرة من المعرفة بشرط كون النكرة موصوفة ، ووافقهم في ذلك السهيلي وابن أبي الربيع نحو قوله : عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ [البقرة : ٢١٧] لأن النكرة إذا لم تكن موصوفة لم تفد ، إذ لا فائدة في قولك : مررت بزيد برجل.
وزاد البغداديون : أو يكون من لفظ الأول ، كقوله : (بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ) [العلق : ١٣ ، ١٤]. وذهب البصريون إلى جواز إبدال النكرة من المعرفة مطلقا ، لورودها غير موصوفة ، وليست من لفظ الأول ، كقوله :
فصدوا من خيارهن لقاحا |
|
يتقاذفن كالغصون عزاز |
ف (عزاز) بدل من الضمير في (يتقاذفن). ـ