بالتفضّل ، لأنه لو كان بالتفضل ، لاستحال حصول الظلم ، لكن من مذهبكم أنه لا استحقاق للعبد بعمله إلا بالوعد.
وأجيب بأنه لما أشبهه أجري على حكمه (١).
قوله : (جَنَّاتِ عَدْنٍ) العامة على كسر التاء نصبا على أنها بدل من «الجنة» (٢).
وعلى هذه القراءة يكون قوله : (وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) فيه وجهان :
أحدهما : أنه اعتراض بين البدل والمبدل منه.
والثاني : أنه حال. كذا قال أبو حيان (٣).
وفيه نظر من حيث إن المضارع المنفي ب «لا» كالمثبت في أنه لا تباشره واو الحال (٤).
وقرأ أبو حيوة (٥) ، وعيسى بن عمر (٦) ، والحسن (٧) ، والأعمش (٨) :
__________________
(١) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٣٧.
(٢) من قوله تعالى : «فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً» من الآية السابقة.
انظر تفسير ابن عطية ٩ / ٤٩٥ ، البيان ٢ / ١٢٨ ، التبيان ٢ / ٨٧٧ ، البحر المحيط ٦ / ٢٠١.
(٣) البحر المحيط ٦ / ٢٠١ ، وأبو حيان : هو محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان ، الإمام أثير الدين أبو حيان الأندلسي ، الغرناطي نحوي عصره ، ولغويه ، ومحدثه.
من مصنفاته : البحر المحيط ، التذييل والتكميل في شرح التسهيل ، وغير ذلك ، مات سنة ٧٤٥ ه.
طبقات المفسرين للداودي ٢ / ٢٨٦ ـ ٢٩١.
(٤) نص النحويون على أنّ هناك صورا تمتنع واو الحال فيها ، منها المضارع المثبت المجرد من (قد) ، نحو قوله تعالى : «وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ» الآية ٦ من سورة المدثر ، وذلك لأنه يشبه اسم الفاعل في الزّنة والمعنى ، والواو لا تدخل على اسم الفاعل ، فكذلك ما أشبهه. ومنها المضارع المنفي ب (لا) نحو قوله تعالى : وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ [المائدة : ٨٤] ، لأن المضارع المنفي ب (لا) في تأويل اسم الفاعل المضاف إليه (غير) فأجري مجراه في الاستغناء عن الواو. قاله ابن مالك في شرح الكافية ٢ / ٧٦٢ ـ ٧٦٣ : وابن الناظم جعل ترك الواو في المضارع المنفي ب (لا) أكثر من اقترانه بالواو ، وأنشد على مجيء الواو قول مالك بن رقية :
وكنت ولا ينهنهني الوعيد
وقول مسكين الدارمي :
أكسبته الورق البيض أبا |
|
ولقد كان ولا يدعى لأب |
وعلى رأي ابن الناظم فلا محل للنظر.
شرح التصريح ١ / ٣٩١ ـ ٣٩٢ ، شرح الأشموني ٢ / ١٨٨ ـ ١٨٩.
(٥) هو شريح بن يزيد ، أبو حيوة ، الحضرمي ، الحمصي ، صاحب القراءة الشاذة ، ومقرىء الشام ، له اختيار في القراءة ، عن أبي البرهسم عمران بن عثمان ، وعن الكسائي قراءته ، روى عنه ابنه حيوة ، مات سنة ٢٠٣ ه. طبقات القراء ١ / ٣٢٥.
(٦) هو عيسى بن عمر الثقفي أبو عمر مولى خالد بن الوليد ، إمام في النحو والعربية ، والقراءة ، أخذ عن ابن أبي إسحاق ، وغيره ، وكان مشهورا بالفصاحة ، والغريب ، وصنف في النحو : الإكمال ، والجامع.
مات سنة ١٤٩ ه. بغية الوعاة ٢ / ٢٣٧ ـ ١٣٨.
(٧) في ب : والحسن. وعيسى بن عمر.
(٨) هو سليمان بن مهران الأعمش ، أبو محمد الأسدي الكاهلي مولاهم الكوفي ، أخذ القراءة عرضا عن ـ