وقال قوم : لا يجوز طرح الواو ، وجعلوا جواب (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ) في قوله : (يا وَيْلَنا) يكون مجازا لأنّ التقدير : حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج واقترب الوعد الحق قالوا يا ويلنا قد كنا في غفلة) (١).
قوله : (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ) «إذا» هنا للمفاجأة ، و«هي» (٢) فيها أوجه :
أجودها : أن يكون ضمير القصة ، و«شاخصة» خبر مقدم ، و«أبصار» مبتدأ مؤخر ، والجملة خبر ل «هي» ، لأنها لا تفسر إلا بجملة مصرح بخبرها ، وهذا مذهب البصريين (٣).
الثاني : أن تكون «شاخصة» مبتدأ ، و«أبصار» فاعل سد مسد الخبر ، وهذا يتمشى على رأي الكوفيين ، لأن ضمير القصة يفسر عندهم بالمفرد العامل عمل الفعل فإنه في قوة الجملة (٤).
الثالث : قال الزمخشري : «هي» ضمير مبهم يوضحه الأبصار ويفسره كما فسر (الَّذِينَ ظَلَمُوا) وَأَسَرُّوا)(٥). ولم يذكر غيره. قال شهاب الدين : وهذا قول الفراء ، فإنه قال في ضمير الأبصار : تقدمت لدلالة (٦) الكلام ومجيء ما يفسرها ، وأنشد شاهدا على ذلك :
٣٧٣٧ ـ فلا وأبيها لا تقول خليلتي |
|
ألا فرّ عنّي مالك بن أبي كعب (٧)(٨) |
الرابع : أن تكون «هي» عمادا (٩) ، وهو قول الفراء أيضا قال : لأنه يصلح موضعها
__________________
(١) ما بين القوسين سقط من الأصل. أي : أن جواب الشرط محذوف تقديره قالوا يا ويلنا ، وهو مذهب البصريين ذكره الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٤٠٥.
(٢) هي : سقط من ب.
(٣) أي أنّ مفسر ضمير الشأن والقصة لا يكون عندهم إلا جملة. التبيان ٢ / ٩٢٨ ، البحر المحيط ٦ / ٣٣٩ ، المغني ٢ / ٤٩٠.
(٤) الكوفيون والأخفش يجوزون تفسير ضمير الشأن والقصة بمفرد له مرفوع نحو : كان قائما زيد ، وظننته قائما عمرو. البحر المحيط ٦ / ٣٣٩. المغني ٢ / ٤٩٠.
(٥) من قوله تعالى :«لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ» [الأنبياء : ٣] الكشاف ٣ / ٢١.
(٦) في الأصل : في دلالة.
(٧) البيت من بحر الطويل قاله مالك بن أبي كعب. وهو في معاني القرآن للفراء ٢ / ٢١٢ برواية : لعمر أبيها لا تقول ظعينتي. وتفسير ابن عطية ١٠ / ٢٠٨ والقرطبي ١١ / ٣٤٢ ، البحر المحيط ٦ / ٣٤٠. الظعينة : المرأة في الهودج. الخليل : المحب الذي ليس في محبته خلل والأنثى خليلة.
(٨) الدر المصون ٥ / ٥٩ ، وانظر أيضا معاني القرآن للفراء ٢ / ٢١٢.
(٩) يريد بقوله : (عمادا) ضمير الفصل والفصل تسمية البصريين والعماد تسمية الكوفيين. وهذا الضمير يشترط فيما قبله كونه مبتدأ في الحال أو في الأصل ، وأجاز الأخفش وقوعه بين الحال وصاحبها نحو جاء زيد هو ضاحكا. وكونه معرفة ، وأجاز الفراء وهشام ومن تابعهما من الكوفيين كونه نكرة نحو : ما ـ