هو ، فتكون كقوله : (إِنَّهُ أَنَا اللهُ)(١) ومثله : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ)(٢) وأنشد :
٣٧٣٨ ـ بثوب ودينار وشاة ودرهم |
|
فهل هو مرفوع بما هاهنا راس (٣) |
وهذا لا يتمشى إلا على أحد قولي الكسائي ، وهو أنه يجيز تقدم الفصل مع الخبر المتقدم نحو : هو خير منك زيد. الأصل زيد هو خير منك (٤). وقال أبو حيان : أجاز هو القائم زيد ، على أنّ زيدا هو المبتدأ ، والقائم خبره ، وهو عماد ، وأصل المسألة : زيد هو القائم (٥).
قال شهاب الدين : وفي التمثيل نظر ، لأنّ تقديم الخبر هنا ممتنع لاستوائهما في التعريف بخلاف المثال المتقدم (٦). فيكون أصل الآية الكريمة : فإذا أبصار الذين كفروا هي شاخصة ، فلما قدم الخبر ، وهو (٧) «شاخصة» ، قدم معها العماد.
وهذا أيضا إنما يجيء على مذهب من يرى وقوع العماد قبل النكرة غير المقارنة للمعرفة (٨).
الخامس : أن تكون «هي» مبتدأ وخبره مضمر ، فيتم الكلام حينئذ على «هي» ويبتدأ بقوله : (شاخِصَةٌ أَبْصارُ) ، والتقدير : فإذا هي بارزة ، أي : الساعة بارزة أو حاضرة و«شاخصة» خبر مقدم ، و«أبصار» مبتدأ مؤخر. ذكره الثعلبي (٩).
__________________
ـ ظننت أحدا هو القائم. ويشترط فيما بعده كونه خبرا في الحال أو في الأصل ، وكونه معرفة أو كالمعرفة في أنه لا يقبل (أل) ، وشرط الذي كالمعرفة أن يكون اسما كخير ، وخالف في ذلك الجرجاني فألحق المضارع بالاسم لتشابههما ، وجعل منه إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ [البروج : ١٣] ويشترط فيه أن يكون بصيغة المرفوع ، وأن يطابق ما قبله ، فلا يجوز كنت هو الفاضل. وفائدته الإعلام من أول الأمر بأن ما بعده خبر لا تابع ، ولهذا سمي فصلا ، لأنه يفصل بين الخبر والتابع ، وعمادا لأنه يعتمد عليه معنى الكلام ، والتوكيد والاختصاص. وزعم البصريون أنه لا محل له وقال الكوفيون له محل ، ثم قال الكسائي محله بحسب ما بعده ، وقال الفراء بحسب ما قبله. انظر المغني ٢ / ٤٩٣ ـ ٤٩٧.
(١) من قوله تعالى : «يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» [النمل : ٩].
(٢) [الحج : ٤٦].
(٣) البيت من بحر الطويل لم أهتد إلى قائله ، وهو في معاني القرآن للفراء ٢ / ٢١٢. والبحر المحيط ٦ / ٣٤٠ ، شرح التصريح ٢ / ٧٢ ، الهمع ٢ / ٩٩ ، ١٠١ الدرر ٢ / ١٣٣ ، ١٣٤.
(٤) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٤٠.
(٥) البحر المحيط ٦ / ٣٤٠.
(٦) الدر المصون : ٥ / ٥٩.
(٧) في الأصل : وهي.
(٨) أجاز قوم من الكوفيين وقوع العماد بين نكرتين مطلقا ، وخرجوا عليه «أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ» [النحل : ٩٢]. وذهب قوم منهم إلى جواز وقوعه بعد اسم (لا) نحو لا رجل منطلق. وذهب آخرون إلى جواز وقوعه قبل المضارع نحو كان زيد هو يقوم. علما بأنه يشترط فيما بعده أن يكون معرفة أو كالمعرفة في أنه لا يقبل أل نحو زيد هو خير منك. وذهب قوم إلى جواز وقوعه بين نكرتين كمعرفتين في امتناع دخول أل نحو : ما أظن أحدا هو خيرا منك. انظر الهمع ١ / ٦٨.
(٩) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٤٠.