سبيل إليه إلا بالسمع والمناظرة مع الكفار (١) المنكرين للرسالة ، فكيف يجوز مثل (٢) هذا الاستدلال؟
فالجواب : المراد (٣) من الرؤية العلم ، وما ذكروه من السؤال فدفعه من وجوه :
أحدها : أنا نثبت نبوة محمد ـ عليهالسلام (٤) ـ بسائر المعجزات ، ثم نستدل بقوله ، ثم نجعله دليلا على حصول النظام في العالم ، وانتفاء الفساد عنه ، وذلك يؤكد (٥) الدلالة المذكورة في التوحيد.
وثانيها : أن يحمل الرتق والفتق على إمكان الرتق والفتق ، والعقل يدل عليه لأن الأجسام يصح عليها الاجتماع والافتراق فاختصاصها بالاجتماع دون الافتراق أو بالعكس يستدعي مخصصا.
وثالثها : أن اليهود والنصارى كانوا عالمين بذلك ، فإنه جاء في التوراة أن الله تعالى خلق جوهرة ، ثم نظر إليها بعين إلهية ، فصارت ماء ، ثم خلق السموات والأرض منها ، وفتق بينهما ، وكان بين اليهود وعبدة الأوثان نوع صداقة بسبب الاشتراك في عداوة (٦) محمد ـ صلىاللهعليهوسلم (٧) ـ ، فاحتج الله عليهم بهذه الحجة على أنهم يقبلون قول اليهود في ذلك (٨).
قوله : «كانتا» الضمير يعود على (السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) بلفظ التثنية والمتقدم جمع وفي ذلك أوجه :
أحدها : ما ذكره الزمخشري فقال : وإنما قال «كانتا» دون كنّ ، لأن المراد جماعة السموات وجماعة الأرضين ، ومنه قولهم : لقاحان (٩) سوداوان ، أي : جماعتان ، فعل في المضمر ما فعل في المظهر (١٠).
الثاني : قال أبو البقاء : الضمير يعود على الجنسين (١١).
الثالث : قال الحوفي : (كانَتا رَتْقاً) ، و«السّموات» جمع ، لأنه أراد الصنفين. قال الأسود بن يعفر (١٢) :
__________________
(١) مع الكفار : سقط من الأصل.
(٢) مثل : سقط من ب.
(٣) المراد : سقط من الأصل.
(٤) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٥) في ب : مؤكد.
(٦) في الأصل : بعداوة.
(٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٨) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٦٢.
(٩) اللقاح : ذوات الألبان من النوق. ولقاحان تثنيته : لقاح ، ولقاح : جمع لقحة وثني الجمع لأنهم قصدوا الجماعة.
(١٠) الكشاف ٣ / ٩.
(١١) التبيان ٢ / ٩١٦.
(١٢) بن يعفر : سقط من ب. وهو الأسود بن يعفر النهشلي شاعر متقدم فصيح من شعراء الجاهلية شرح شواهد المغني ٢ / ٥٥٣ ، الخزانة ١ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦.