جعل (١) يفعل وأخذ وأنشأ (٢) ، وحكمها حكم كاد في وقوع الخبر فعلا مضارعا وبينها وبينه (٣) مسافة قصيرة (٤). وقرىء «يخصّفان» (٥) للتكثير والتكرير من خصف النعل ، وهو أن يخرز عليها الخصاف ، أي: يلزقان الورق بسوآتهما (٦) للتستر ، وهو ورق التين (٧). قوله : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ) بأكل الشجرة «فغوى» أي : فعل (ما لم يكن له فعله) (٨). وقيل : أخطأ طريق الجنة وضلّ (٩) حيث طلب الخلد بأكل ما نهي عن أكله فخاف ولم ينل مراده (١٠).
وقال ابن الأعرابي : أي : فسد عليه عيشه وصار من العز إلى الذل ، ومن الراحة إلى التعب (١١). قال ابن قتيبة : يجوز أن يقال : عصى آدم ، ولا يجوز أن يقال : آدم عاص (لأنه إنما يقال : عاص) (١٢) لمن اعتاد فعل المعصية كالرجل يخيط ثوبه فيقال خاط ثوبه ، ولا يقال : هو خياط (حتى يعاوده ويعتاده(١٣))(١٤).
قوله : «فغوى» الجمهور على فتح الواو بعدها ألف وتقدم تفسيرها.
وقيل : معناه بشم من قولهم : غوي البعير (١٥) بكسر الواو والياء إذا (١٦) أصابه ذلك (١٧). وحكى أبو البقاء هذه قراءة وفسروها بهذا المعنى (١٨).
__________________
(١) في الأصل : جعل كذا ، وفي ب : مثل فعل. وهو تحريف.
(٢) في ب : يفعل كذا ، وهو تحريف.
(٣) وبينه : سقط من الأصل. وفي ب : وبينهما.
(٤) الكشّاف ٢ / ٤٥٠. طفق ، جعل ، أخذ ، أنشأ ، من أفعال المقاربة وهذه الأفعال تدخل على الجملة الاسمية فترفع المبتدأ اسما لها وتنصب الخبر خبرا لها ، ولا يكون الخبر إلا جملة فعلية فعلها مضارع ويمتنع اقترانها ب «أن» لما بينهما وبين «أن» من المنافاة لأن المقصود بها الحال لأن معناها الشروع في الفعل ، و«أن» للاستقبال. انظر شرح المفصل ٧ / ١٢٦ ـ ١٢٧.
(٥) بكسر الخاء وتشديد الصاد ـ قراءة الحسن. المختصر ٩٠ ، والإتحاف ٣٠٨. جعلها من (يختصفان) فأدغم التاء في الصاد ، وحرك الخاء بالكسر ، لاجتماع الساكنين. انظر معاني القرآن للأخفش ٢ / ٥١٥.
(٦) في ب : لسوآتهما. وهو تحريف.
(٧) انظر الكشّاف ٢ / ٤٥٠.
(٨) ما بين القوسين سقط من ب.
(٩) وضلّ : سقط من ب.
(١٠) انظر البغوي ٦ / ٤٦٣.
(١١) انظر البغوي ٦ / ٤٦٣.
(١٢) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٣) انظر تأويل مشكل القرآن (٤٠٣).
(١٤) ما بين القوسين في ب : حتى يعاونه ويعتاده. وهو تحريف.
(١٥) غوى الفصيل : بشم من اللّبن وفسد جوفه. والبشم : التخمة ، وقيل هو أن يكثر من الطعام حتى يكربه. اللّسان (غوى ، بشم).
(١٦) في ب : بكسر الراء وإذا. وهو تحريف.
(١٧) انظر تأويل مشكل القرآن (٤٠٢).
(١٨) قال أبو البقاء : (وقرىء شاذا بالياء وكسر الواو ، وهو من غوى الفصيل إذا بشم على اللّبن ، وليست بشيء) البيان ٢ / ٩٠٦.