العوج والعوج ، قالوا : العوج بالكسر في المعاني ، وبالفتح في الأعيان (١) ، والأرض عين ، فكيف صح فيها (٢) كسر العين. قلت : اختيار هذا اللفظ له موقع حسن بديع في وصف الأرض بالاستواء والملاسة (٣) ، ونفي الإعوجاج عنها على أبلغ ما يكون وذلك أنه لو عمدت إلى قطعة أرض فسويتها وبالغت في التسوية على عينيك وعيون (٤) البصراء ، واتفقتم على أنّه لم يبق فيها اعوجاج قط ، ثم استطلعت رأي (٥) المهندس فيها وأمرته أن يعرض استواءها على المقاييس الهندسية (٦) لعثر (٧) فيها على عوج في غير موضع لا يدرك ذلك بحاسة البصر ولكن (٨) بالقياس الهندسي ، فنفى الله تعالى ذلك العوج الذي دقّ ولطف عن الإدراك اللهم إلا بالقياس الذي يعرفه (٩) صاحب التقدير الهندسي ، وذلك الاعوجاج لمّا لم يدرك إلا بالقياس دون الإحساس ألحق بالمعاني ، فقيل فيه عوج بالكسر (١٠). والأمت (١١) النتوّ اليسير يقال : مدّ حبله حتى ما فيه أمت (١٢). وقيل : الأمت التل (١٣) ، وهو قريب من الأول.
وقيل : الشّقوق في الأرض. وقيل : الإكام (١٤).
وقال الحسن : العوج ما انخفض من الأرض ، والأمت ما نشز من الرّوابي. والمقصود من وصف الأرض بهذه الأوصاف أنها تكون في ذلك اليوم ملساء خالية عن الارتفاع والانخفاض وأنواع الانحراف والاعوجاج (١٥). قوله : «يومئذ» منصوب ب «يتّبعون» وقيل : بدل من (يَوْمَ الْقِيامَةِ) قاله (١٦) الزمخشري (١٧). وفيه نظر ، للفصل الكثير (١٨) وأيضا يبقى «يتّبعون» غير مرتبط بما قبله ، وبه (١٩) يفوت المعنى (٢٠) والتقدير : يوم إذ نسفت الجبال (٢١).
__________________
(١) وفي اللسان (عوج) : والعوج : وهو بفتح العين مختص بكل شخص مرئي كالأجسام وبالكسر بما ليس بمرئي كالرأي والقول. وقيل : الكسر يقال فيهما معا والأول أكثر.
(٢) في ب : فكيف يصح فيهما. وهو تحريف.
(٣) في ب : والملامسة. وهو تحريف.
(٤) في ب : وعين.
(٥) في ب : أمر.
(٦) الهندسية : سقط من ب.
(٧) في ب : يعثر.
(٨) في الأصل : لكن.
(٩) في ب : الذي يصرفه أي يعرفه. وهو تحريف.
(١٠) الكشاف ٢ / ٤٤٧.
(١١) في ب : فصل معنى الأمت.
(١٢) الكشاف ٢ / ٤٤٧.
(١٣) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧١.
(١٤) اللسان (أمت).
(١٥) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١١٨.
(١٦) في ب : قال.
(١٧) قال الزمخشري : (ويجوز أن يكون بدلا بعد بدل من يوم القيامة) الكشاف ٢ / ٤٤٨.
(١٨) أي : لكثرة الفصل بين البدل والمبدل منه ، فقوله «يَوْمَ الْقِيامَةِ» في الآية (١٠٠) و«يومئذ» في الآية (١٠٨).
(١٩) في ب : وفيه. وهو تحريف.
(٢٠) حيث يكون قوله «يتبعون» كلاما مستأنفا.
(٢١) الكشاف ٢ / ٤٤٨.