وقيل : بل الرؤية هنا (١) قلبية ، فالمعنى : أعلمناه ، وأيّد ذلك أنه لم يره إلا (٢) العصا واليد فقط (٣).
ومن جوّز استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ، أو إعمال المشترك في معنييه يجيز أن يراد (٤) المعنيان جميعا.
وتأكيد الآيات ب «كلّها» يدل على إرادة العموم ، لأنهم قالوا : فائدة التوكيد بكلّ (٥) وأخواتها رفع (٦) توهم وضع الأخص موضع الأعم فلا يدّعى أنه أراد بالآيات آيات مخصوصة ، وهذا يتمشى على أن الرؤية قلبية.
ويراد بالآيات (٧) ما يدل على وحدانية الله تعالى وصدق المبلّغ ، فأما الآيات الدالة على الوحدانية فقوله : (الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى)(٨) ، وقوله : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ) مهادا» (٩) إلى آخره. وما ذكره في سورة الشعراء : (قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ. قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا)(١٠) الآيات. وأما الآيات الدالة على صدق المبلّغ فهي الآيات التسع المختصة بموسى ـ عليهالسلام (١١) ـ ، وهي العصا ، واليد ، وفلق البحر ، والحجر ، والجراد ، والقمل ، والضّفادع ، والدّم ، ونتق الجبل. ومعنى (١٢) «أريناه» عرّفناه صحتها ، وأوضحنا له وجه الدلالة فيها. وإنما أضاف الآيات إلى نفسه سبحانه وتعالى مع أنّ المظهر لها موسى ، لأنه أجراها على يديه ، كما أضاف نفخ الروح إلى نفسه فقال : (فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا)(١٣) مع أن النفخ كان من جبريل (عليهالسلام (١٤)) (١٥) ـ ولم يذكر مفعول التكذيب والإباء (١٦) تعظيما له ، وهو معلوم (١٧).
قوله (١٨) : (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا) يعني الآيات التسع «فكذّب» بها وزعم أنها سحر وأبى» أن يسلم.
فإن قيل (١٩) قوله (٢٠) : «كلّها» يفيد العموم ، والله ـ تعالى (٢١) ـ ما أراه جميع
__________________
(١) في ب : ها هنا.
(٢) في ب : فالمعنى : أيدناه وأنه لم يرد اللفظ أعني. وهو تحريف.
(٣) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٥٢.
(٤) في ب : يريد.
(٥) بكل : سقط من ب.
(٦) في ب : ودفع وهو تحريف.
(٧) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٧٠ ـ ٧١ بتصرف.
(٨) [طه : ٥٠].
(٩) [طه : ٥٢].
(١٠) [الشعراء : ٢٣ ـ ٢٤].
(١١) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٢) في ب : والمعنى.
(١٣) [الأنبياء : ٩١].
(١٤) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ٧١.
بتصرف.
(١٥) ما بين القوسين في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٦) في ب : والآية. وهو تحريف.
(١٧) في ب : فقال ذلك وهو معلوم.
(١٨) في ب : فصل قيل. وهو تحريف.
(١٩) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٧١.
(٢٠) في ب : إن قوله.
(٢١) في ب : والله سبحانه وتعالى.