قوله : (فَأَخْرَجْنا بِهِ)(١) وقوله : (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ) وقوله : (مِنْها خَلَقْناكُمْ) إلى قوله: (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ) لا يتأتى (٢) أن يكون من كلام موسى ، فلذلك (٣) جعلناه من كلام الباري تعالى (٤) ، ويكون فيه التفات من ضمير الغيبة إلى ضمير المتكلم المعظم نفسه. فإن قلت (٥) : أجعله من كلام موسى يعني (٦) : أنه وصف ربّه تعالى بذلك ، ثم التفت إلى الإخبار عن الله ـ تعالى ـ بلفظ التكلم؟
قيل (٧) : إنما جعلناه التفاتا في الوجه الأول ، لأن المتكلم واحد بخلاف هذا فإنه لا يتأتى فيه (٨) الالتفات المذكور وأخواته من كلام الله (٩).
والثاني : أن «الّذي» صفة ل «ربّي» (١٠) ، فيكون في محل رفع أو نصب على حسب ما تقدم من إعراب «ربّي» (١١). وفيه ما تقدم من الإشكال في نظم الكلام من قوله : «فأخرجنا» وأخواته من عدم جواز الالتفات (١٢) ، وإن كان قد قال بذلك الزمخشري (١٣) والحوفي (١٤). وقال ابن عطية : إن كلام موسى تم عند قوله : (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً)(١٥) وأن قوله : «فأخرجنا» إلى آخره من كلام الله تعالى (١٦). وفيه بعد (١٧) وقرأ الكوفيون (١٨)
__________________
(١) في ب : فأخرجنا به جنات وهو تحريف.
(٢) في ب : لا ينافي. وهو تحريف.
(٣) في ب : فكذلك. وهو تحريف.
(٤) تعالى : سقط من ب.
(٥) في ب : فإن قيل.
(٦) في ب : بمعنى. وهو تحريف.
(٧) في ب : فالجواب.
(٨) في ب : لا ينافي. وهو تحريف.
(٩) ذهب أبو حيان إلى أن هذا من كلام الله تعالى ، لأنه لو كان من كلام موسى لا يكون فيه إلا الالتفات المذكور لأن الالتفات لا يكون من قائلين ، قال أبو حيان : (وإنما ذهبنا إلى أن هذا من كلام الله تعالى لقوله تعالى :«فَأَخْرَجْنا»وقوله : «كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ» وقوله : «وَلَقَدْ أَرَيْناهُ»فيكون قوله : فَأَخْرَجْنا و (أَرَيْناهُ) التفاتا من الضمير الغائب في «جعل» و«سلك» إلى ضمير المتكلم المعظم نفسه ولا يكون الالتفات من قائلين) البحر المحيط ٦ / ٢٥٠ ـ ٢٥١.
(١٠) في قوله تعالى : «لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى» من الآية السابقة.
(١١) وقد تقدم إن «ربّي» فاعل «يضلّ» على تقدير : في كتاب لا يضلّ ربّي أو لا يضلّ حفظه ربّي. فيكون «الّذي» في محل رفع. أو أن «ربّي» منصوب على التعظيم وذلك إذا كان التقدير : لا يضلّ الكتاب ربي. فيكون الذي في محل نصب.
(١٢) لأن هذا الوجه من الإعراب يجعل قوله الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ من كلام موسى وقد تقدم أن قوله : فَأَخْرَجْنا بِهِ وقوله : (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ) و (مِنْها خَلَقْناكُمْ) و (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ) لا يتأتى أن يكون من كلام موسى ، وأن الالتفات لا يكون من قائلين.
(١٣) أي أن الزمخشري ذكر أن «جعل» صفة ل «ربّي» انظر الكشاف ٢ / ٤٣٦.
(١٤) البحر المحيط ٦ / ٢٥١.
(١٥) ماء : سقط من ب.
(١٦) تفسير ابن عطية ١٠ / ٤٠.
(١٧) لما ذكر في جواب الاعتراض السابق حيث قال : (إنما جعلناه التفاتا في الوجه الأول لأن المتكلم واحد بخلاف هذا فإنه لا يتأتى فيه الالتفات المذكور وأخواته من كلام الله).
(١٨) وهم عاصم وحمزة والكسائي.