يا مُوسى)(١) ، وقيل : هذا ضعيف (٢) ، لأنه عليهالسلام (٣) لم يقل : واحلل العقدة من لساني بل قال : (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي) ، فإذا حل عقدة واحدة فقد آتاه الله (٤) سؤله ، والحق أنه انحل أكثر العقد وبقي منها شيء لقوله حكاية عن فرعون (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ)(٥) مع بقاء قدر من الانعقاد في لسانه وأجيب (٦) عنه بوجهين :
أحدهما : أن المراد بقوله : (وَلا يَكادُ يُبِينُ) أي لا يأتي ببيان وحجة.
والثاني : أن (كاد) بمعنى قرب. فلو كان المراد هو البيان اللساني ، لكان معناه : أنه لا يقارب البيان ، فكان فيه نفي البيان بالكلية ، وذلك باطل ، لأنه خاطب فرعون وقومه ، وكانوا يفهمون ، فكيف يمكن نفي البيان ، بل إنما قالوا ذلك تمويها ليصرفوا الوجوه عنه (٧). واعلم (٨) أن (٩) النطق فضيلة عظيمة ، ويدل عليه وجوه (١٠) :
الأول : قوله تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ)(١١) ، ولهذا قيل للإنسان : هو الحيوان الناطق.
الثاني : اتفاق العقلاء (١٢) على تعظيم أمر (١٣) اللسان قال زهير :
٣٦٥٤ ـ لسان الفتى نصف ونصف (١٤) فؤاده |
|
فلم يبق إلّا صورة اللّحم والدّم (١٥) |
وقالوا (١٦) : ما الإنسان لو لا اللسان إلا بهيمة مرسلة (١٧). أي لو ذهب النطق اللساني لم يبق من الإنسان إلا القدر الحاصل في البهائم.
وقالوا : المرء (١٨) بأصغريه أي قلبه ولسانه.
وقالوا (١٩) : «المرء مخبوء تحت لسانه».
__________________
(١) [طه : ٣٦].
(٢) ضعيف : سقط من الأصل.
(٣) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٤) في ب : الله تعالى.
(٥) [الزخرف : ٥٢].
(٦) في ب : فالجواب.
(٧) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ٤٨. بتصرف يسير.
(٨) في ب : فصل واعلم.
(٩) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٤٦.
(١٠) في ب : وجه. وهو تحريف.
(١١) [الرحمن : ٣ ، ٤].
(١٢) في ب : العلماء العقلاء.
(١٣) أمر : سقط من ب.
(١٤) ونصف : سقط من ب.
(١٥) البيت من بحر الطويل قاله زهير وهو في جمهرة أشعار العرب ١ / ٣٠٠ ، والبيان والتبيين ١ / ١٧١ ونسبه الجاحظ إلى الأعور الشني ، والفخر الرازي ٢٢ / ٤٦.
واستشهد به على عظم أمر اللسان.
(١٦) في الفخر الرازي : وقال علي.
(١٧) في ب : مرسل. وهو تحريف.
(١٨) في الأصل : الإنسان.
(١٩) في الفخر الرازي : وقال صلىاللهعليهوسلم.