ويجوز أن تكون مستأنفة (١). وجوّز أبو البقاء نقلا عن غيره : أن يكون «عصاي» منصوبة بفعل (٢) مقدر ، و«أتوكّأ» هو الخبر (٣). ولا ينبغي أن يقال ذلك.
والتّوكّؤ : التحامل على الشيء ، وهو بمعنى الاتّكاء ، وقد تقدم تفسيره في يوسف (٤) فهما من مادة واحدة ، وذكر هنا ، لاختلاف وزنيهما (٥).
والهشّ بالمعجمة : الخبط (٦) ، يقال : هششت الورق أهشّه أي : خبطته ليسقط ، والمعنى : أخبط بها وأضرب أغصان الشجر ليسقط ورقها على غنمي لتأكله (٧) وأما هشّ يهشّ ـ بكسر العين في المضارع ـ فبمعنى البشاشة وقد قرأ النخعي (٨) بذلك (٩) ، فقيل :
__________________
ـ ب ـ أن يكون المضاف جزءا من المضاف إليه ، نحو قوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً) [الحجر : ٤٧].
ف «إخوانا» حال من الضمير المضاف إليه «صدور» ، والصدور جزء من المضاف إليه.
ج ـ أن يكون المضاف مثل جزء المضاف إليه ـ في صحة الاستغناء عنه بالمضاف إليه ـ نحو قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) [النحل : ١٢٣] ف (حنيفا) حال من (إبراهيم) والملة كالجزء من المضاف إليه إذ يصحّ الاستغناء بالمضاف إليه عنها. فلو قيل في غير القرآن : أن اتبع إبراهيم حنيفا ، لصحّ.
وادعى المصنف في شرح التسهيل الاتفاق على منع مجيء الحال من المضاف إليه فيما عدا المسائل الثلاث المستثناة نحو : ضربت غلام هند جالسة وتابعه على ذلك ولده في شرحه ، وفيما ادعياه نظر فإن مذهب الفارسي الجواز مطلقا.
قال السيوطي في الهمع : (وجوز بعض البصريين ، وصاحب البسيط مجيء الحال من المضاف إليه مطلقا وخرّجوا عليه (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) [الحجر : ٦٦] ١ / ٢٤٠. وعلى ذلك فكون أتوكّأ حالا من الياء ـ المضاف إليه ـ يجوز على مذهب من جوز مجيء الحال من المضاف إليه مطلقا.
انظر الأشموني ٢ / ١٧٨ ـ ١٧٩.
(١) انظر التبيان ٢ / ٨٨٨.
(٢) ما بين القوسين سقط من ب.
(٣) حيث قال أبو البقاء : (وقيل : هو خبر «هي» و«عصاي» مفعول لفعل محذوف) التبيان ٢ / ٨٨.
(٤) عند قوله تعالى : (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) [يوسف : ٣١] انظر اللباب ٥ / ٢٧ ـ ٢٨.
(٥) يريد أنّ وزن (متكأ) من سورة يوسف (مفتعل) فهو اسم مفعول من (اتّكأ) بخلاف (أتوكأ) هنا فهي على وزن (أتفعّل) مضارع (تفعّل).
(٦) انظر تفسير غريب القرآن ٢٧٨.
(٧) قال أبو عبيدة :(«وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي» أي أخبط بها فأضرب بها ليسقط ورقها على غنمي فتأكله).
مجاز القرآن ٢ / ١٧.
(٨) هو إبراهيم بن يزيد أبو عمران النخعي ، الكوفي ، الإمام المشهور الصالح ، العالم ، الزاهد ، قرأ على الأسود بن يزيد ، وعلقمة بن قيس ، قرأ عليه الأعمش ، وطلحة بن مصرف ، مات سنة ٩٦ ه طبقات القراء ١ / ٢٩ ـ ٣٠.
(٩) أي بكسر الهاء. انظر المحتسب ٢ / ٥٠ ، والقرطبي ١١ / ١٨٦ ، والبحر المحيط ٦ / ٤.