قوله تعالى : (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً)(١٢)
قوله : «إنّي» قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالفتح على تقدير الباء أي : بأنّي (١) ، لأن (٢) النداء (٣) يوصل بها. تقول (٤) : ناديته بكذا ، وأنشد الفارسيّ (٥) قول الشاعر :
٣٦٤٣ ـ ناديت باسم ربيعة بن مكدّم |
|
إنّ المنوّه باسمه الموثوق (٦) |
وجوز ابن عطية أن تكون بمعنى : لأجل (٧) ، وليس بظاهر. والباقون بالكسر (٨) إمّا على إضمار القول كما هو رأي البصريين (أي فقيل) (٩)(١٠). وإمّا (١١) لأن النداء في معنى القول عند الكوفيين (١٢). وقوله : «أنا» يجوز أن يكون مبتدأ وما بعده خبره والجملة خبر (إنّ) ويجوز أن يكون توكيدا للضمير المنصوب (١٣). ويجوز أن يكون (فصلا) (١٤)(١٥).
__________________
ـ مذهب البصريين وأجازه هشام وثعلب مطلقا نحو (يعجبني قام زيد). وفصل الفراء وجماعة ونسبوه لسيبويه فقالوا : إن كان الفعل قلبيا ووجد معلّق عن العمل نحو : (ظهر لي أقام زيد) صح ، وإلا فلا ، وحملوا عليه «ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ» [يوسف : ٣٥] ومنعوا (يعجبني يقوم زيد) ، وأجازهما هشام وثعلب واحتجا بقوله :
وما راعني إلّا يسير بشرطة |
|
وعهدي به قينا يسير بكير |
ومنع الأكثرون ذلك كله ، وأوّلوا ما ورد مما يوهمه ، فقالوا : في بدا ضمير البداء ، ويسير على إضمار (أن) المغني ٢ / ٤٢٨ ، الهمع ١ / ١٦٤ ، حاشية الصبان ٢ / ٤٣.
(١) انظر السبعة ٣١٧ ، الحجة لابن خالويه (٢٤٠) ، الكشف ٢ / ٩٦ ، النشر ٢ / ٣١٩ الاتحاف (٣٠٢).
(٢) في ب : أي لأنّ البنا.
(٣) في ب : والنداء.
(٤) في ب : فيقال.
(٥) انظر إيضاح الشعر ٤٣٩.
(٦) البيت من بحر الكامل ولم ينسبه أبو علي إلى قائل. وهو في إيضاح الشعر ٤٥٩ ، تفسير ابن عطية : ١٠ / ٩ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٠ ، الخزانة ٦ / ٥٧ ، المنوه : ناه الشيء ينوه ارتفع وعلا ، يقال : نوّه فلان باسمه ، ونوّه فلان بفلان إذا رفعه وطير به وقوّاه. الموثوق : يريد الموثوق به. والشاهد فيه قوله (ناديت باسم) حيث وصل الفعل (نادى) بحرف الجر. وفيه شاهد آخر وهو أن الحذف من الصلات قد جاء في الشعر والتقدير : الموثوق به.
(٧) تفسير ابن عطية ١٠ / ٩.
(٨) انظر السبعة (٤١٧) ، الحجة لابن خالويه (٢٤٠) ، الكشف ٢ / ٩٦ ، النشر ٢ / ٣١٩ الإتحاف (٣٠٢).
(٩) الكشاف ٢ / ٤٢٨ ، التبيان ٢ / ٨٨٦ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٠.
(١٠) ما بين القوسين في ب : أو فعيل. وهو تحريف.
(١١) وأما : سقط في ب.
(١٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٠.
(١٣) لأن الضمير المرفوع المنفصل يؤكد به كل ضمير متصل مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا ، قال السيوطي : (ويؤكد بالضمير المرفوع المنفصل كل ضمير متصل مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا مع مطابقته البدل له في التكلم والإفراد والتذكير وأضدادها نحو قمت أنا ، وأكرمتني أنا ، ومررت بك أنت ، وأكرمته هو وهكذا) همع الهوامع ٢ / ١٢٥.
(١٤) انظر التبيان ٢ / ٨٨٦ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٠.
(١٥) في ب : فعلا. وهو تحريف.