على لفظ الاستفهام الذي لا يجوز على الله تعالى لكن المقصود منه تقرير الخبر في قلبه ، وهذه الصورة أبلغ في ذلك كقولك لصاحبك : هل بلغك عني كذا (١)؟ فيتطلع السامع إلى معرفة ما يرمي إليه ، ولو (٢) كان المقصود هو الاستفهام لكان الجواب يصدر من قبل (٣) موسى لا من قبل الله (تعالى) (٤)(٥).
قوله : (إِذْ رَأى) يجوز أن يكون منصوبا بالحديث وهو الظاهر (٦) ويجوز أن ينتصب ب (اذكر) مقدرا (٧) قاله أبو البقاء (٨). أو بمحذوف بعده ، أي إذ رأى نارا (٩) كان كيت وكيت كما (١٠) قاله الزمخشري (١١). و«هل» على بابها من كونها استفهام تقرير (١٢). وقيل : بمعنى قد. وقيل : بمعنى النفي(١٣). وقرأ «لإهله امكثوا» بضم الهاء حمزة ، وقد تقدم أنه الأصل وهو لغة الحجاز (١٤).
وقال أبو البقاء : إن الضم (للإتباع) (١٥)(١٦).
قوله : «آنست» أي أبصرت ، والإيناس : الإبصار والتبيّن ومنه إنسان (١٧) العين ، لأنه يبصر به الأشياء ، والإنس لظهورهم كما قيل : الجن لاستتارهم. وقيل : هو الوجدان. وقيل : هو (١٨) الإحساس فهو أعم من الإبصار. وأنشدوا للحارث بن حلزة :
__________________
(١) في ب : هل بلغت عن هذا أو عن كذا. وهو تحريف.
(٢) في ب : وإن.
(٣) قبل : سقط من ب.
(٤) آخر من نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٤ ـ ١٥.
(٥) في ب : عزوجل.
(٦) الكشاف ٢ / ٤٢٨ ، التبيان ٢ / ٨٨٥ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٠.
(٧) في ب : مقدم ما. وهو تحريف.
(٨) انظر التبيان ٢ / ٨٨٥.
(٩) نارا سقط من ب.
(١٠) كما : سقط من ب.
(١١) قال الزمخشري : أو المضمر ، أي : حين (رَأى ناراً) كان كيت وكيت الكشاف ٢ / ٤٢٨.
(١٢) في ب : استفهام تقديره. وهو تحريف.
(١٣) البحر المحيط ٦ / ٢٢٩. قال أبو حيان بعد قوله : وقيل هل بمعنى قد : (والظاهر خلاف هذا ، لأن السورة مكية ، والظاهر أنه لم يكن أطلعه على قصة موسى قبل هذا) وفي ب : وقيل بمعنى بعد ، وقيل بمعنى قد أو النفي.
(١٤) قرأ حمزة وابن سعدان عن إسحاق المسيبي «لأهله امكثوا» بضم الهاء والباقون يكسرون الهاء فيهما.
انظر السبعة : ٤١٧ وحجة من ضم الهاء أنه أتى بالهاء على أصلها موصولة بالواو للتقوية ، فلقيت الواو وهي ساكنة الميم من «امكثوا» وهي ساكنة فحذفت الواو لالتقاء الساكنين ، وبقيت الضمة تدل عليها.
وحجة من كسر الهاء أنه أبدل من ضمة الهاء كسرة للكسرة التي قبلها ، فانقلبت الواو ياء ثم حذفت الياء لسكونها وسكون الميم بعدها ، وبقيت الكسرة تدل عليها. انظر الكشف ٢ / ٩٥.
(١٥) قال أبو البقاء : (لأهله بكسر الهاء وضمها ، وقد ذكر ، ومن ضم أتبعه ما بعده) التبيان ٢ / ٨٨٥.
(١٦) في ب : لاتباع. وهو تحريف.
(١٧) في ب : إيناس. وهو تحريف.
(١٨) هو سقط من ب.