اشتمال على مذهب من يرى أن الثاني مشتمل على الأول ؛ لأن التنزيل مشتمل على التذكرة ، وغيرها (١). وأما قوله : لأن معنى ما أنزلناه إلا تذكرة أنزلناه تذكرة ، فليس كذلك ، لأن معنى الحصر يفوت في قوله : أنزلناه تذكرة. وأما (٢) نصبه على المدح فبعيد.
وأمّا نصبه على «يخشى» ففي غاية البعد ، لأن «يخشى» رأس آية وفاصلة فلا يناسب أن يكون «تنزيلا» منصوبا ب «يخشى» ، وقوله : وهو معنى حسن وإعراب بيّن عجمة وبعد عن إدراك الفصاحة(٣). قال شهاب الدين : ويكفيه رده الشيء الواضح من غير دليل ونسبة هذا الرجل إلى عدم الفصاحة ووجود العجمة (٤).
قوله : (مِمَّنْ خَلَقَ)(٥). يجوز في (من) أن يتعلق ب «تنزيلا» (٦) ، وأن يتعلق بمحذوف على أنه صفة ل «تنزيلا» (٧).
وفي «خلق» (التفات) (٨) من تكلّم في قوله : (ما أَنْزَلْنا)(٩) إلى الغيبة (١٠) وجوز الزمخشري أن يكون (ما أَنْزَلْنا) حكاية لكلام جبريل عليهالسلام (١١) وبعض الملائكة فلا التفات على (١٢) هذا (١٣).
قوله (١٤) «العلى» جمع عليا ، نحو دنيا ودنى ، ونظيره في الصحيح (١٥) كبرى وكبر ،
__________________
(١) اختلف في المشتمل في بدل الاشتمال هل هو الأول ، أو الثاني ، أو العامل؟ فقال الرماني هو الأول واختاره في التسهيل ، وعلله الجزولي بأن الثاني إما صفة للأول كأعجبتني الجارية حسنها ، أو مكتسب من صفة نحو سلب زيد ماله فإن الأول اكتسب من الثاني كونه مالكا. ورد بأنه يلزم منه أن يجيز ضربت زيدا عبده على الاشتمال ، وهم قد منعوا ذلك. وقال الفارسي في الحجة المشتمل هو الثاني ، قال : بدليل سرق زيد ثوبه ، ورد بسرق زيد فرسه. وقيل المشتمل هو المسند ، قال ذلك المبرد والسيرافي وابن جني وابن الباذش وابن أبي العافية وابن الأبرش ، بمعنى أن الفعل يستدعيهما ، أحدهما على سبيل الحقيقة والقصد والآخر على سبيل المجاز والتبع ، فنحو سلب زيد ثوبه الإسناد فيه حقيقة إلى الثاني مجازا في الأول إذ المسلوب هو الثوب. وقيل بمعنى أنه اشتمل عى التابع والمتبوع معا ، إذ الإعجاب في : أعجبتني الجارية حسنها مشتمل على الجارية وعلى حسنها. انظر شرح التصريح ٢ / ١٥٧ ، والهمع ٢ / ١٢٦.
(٢) في ب : وهما. وهو تحريف.
(٣) البحر المحيط ٦ / ٢٢٥.
(٤) الدر المصون ٥ / ٢٠.
(٥) في ب : ممّن خلق الأرض والسموات.
(٦) انظر التبيان ٢ / ٨٨٤ ، والكشاف ٢ / ٤٢٧ ، والمحيط ٦ / ٢٢٥.
(٧) انظر الكشاف ٢ / ٤٢٧ ، البحر المحيط ٦ / ٢٢٥.
(٨) ما بين القوسين سقط من ب.
(٩) في ب : أنا أنزلنا. وهو تحريف.
(١٠) انظر الكشاف ٢ / ٤٢٧ ، البحر المحيط ٦ / ٢٢٥ ، ٢٢٦.
(١١) عليهالسلام : سقط من ب.
(١٢) في ب : إلى وهو تحريف.
(١٣) قال الزمخشري (ويجوز أن يكون «أنزلنا» حكاية لكلام جبريل والملائكة النازلين معه) الكشاف ٢ / ٤٢٧. وقد استبعد أبو حيان ما جوزه الزمخشري فإنه قال : (وهذا تجويز بعيد بل الظاهر أنه إخبار من الله تعالى عن نفسه) البحر المحيط ٦ / ٢٢٦.
(١٤) في الأصل : و.
(١٥) في ب : الفصيح. وهو تحريف.