الزمخشري (١) ، ثم قال (٢) : فإن قلت (٣) : هل يجوز أن تقول : «ما أنزلنا أن تشقى» ، كقوله : (أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ)(٤) قلت (٥) : بلى ولكنها نصبة طارئة كالنصبة (٦) في (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ)(٧) ، وأما النصبة (٨) في «تذكرة» فهي كالتي في ضربت زيدا (٩) ، لأنه (١٠) أحد المفاعيل الخمسة التي هي أصول وقوانين لغيرها (١١).
قال شهاب الدين : قد منع أبو البقاء أن يكون «تذكرة» ، مفعولا له ل «أنزلنا» المذكورة لأنها قد تعدت إلى مفعول له وهو (١٢) «لتشقى» فلا تتعدى إلى آخر من جنسه (١٣).
وهذا المنع ليس بشيء ، لأنه يجوز أن يعلل الفعل بعلتين فأكثر ، وإنما هذا بناء منه على أنه لا يقتضي (١٤) العامل من هذه الفضلات إلا شيئا (١٥) واحدا إلا بالبدلية أو (١٦) العطف (١٧).
الثاني : أن تكون «تذكرة» بدلا من محل «لتشقى» وهو رأي الزجاج (١٨) ، وتبعه ابن عطية (١٩) ، واستبعده أبو جعفر (٢٠) ، ورده الفارسي (٢١) بأن التذكرة ليست بشقاء وهو
__________________
(١) الكشاف ٢ / ٤٢٦.
(٢) أي الزمخشري.
(٣) في ب : فإن قيل.
(٤) من قوله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ» [الحجرات : ٢].
(٥) في ب : قيل.
(٦) في ب : ولكن نصبه طارىء كالنصب.
(٧) من قوله تعالى : «وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا» [الأعراف : ١٥٥]. والاستشهاد بالآيتين على أن النصب في قوله : «أَنْ تَحْبَطَ» وقوله :«قَوْمَهُ»نصب طارىء ، وذلك لأن قوله : «أَنْ تَحْبَطَ» في موضع نصب بتقدير حذف حرف الجر والتقدير : لأن تحبط. وقوله : اختار يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف الجر وقد حذف ههنا والتقدير : من قومه. انظر البيان ١ / ٣٧٥ ـ ٣٧٦ ، ٢ / ٣٨٢ ، التبيان ١ / ٥٩٧ ، ٢ / ١١٧٠.
(٨) في ب : النصب.
(٩) أي نصب أصلي.
(١٠) في ب : لأنّ.
(١١) الكشاف ٢ / ٤٢٦. والمفاعيل الخمسة هي : المفعول به ، المفعول المطلق ، المفعول له ، المفعول فيه ، المفعول معه.
فالمفعول له أحد هذه المفاعيل فالنصب فيه أصلي.
(١٢) وهو : سقط في ب.
(١٣) التبيان ٢ / ٨٨٤.
(١٤) في ب : لا يقضى.
(١٥) في ب : للأشياء. وهو تحريف.
(١٦) في ب : و.
(١٧) الدر المصون ٥ / ١٩.
(١٨) لم أعثر على هذا الوجه في معاني القرآن وإعرابه للزجاج ، وفي إعراب القرآن للنحاس (قال أبو إسحاق : هو بدل من «تشقى» أي : ما أنزلناه إلا تذكرة) ٣ / ٣٢.
(١٩) قال ابن عطية : وقوله تعالى : «إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى» يصح أن ينصب على البدل من موضع «لتشقى» تفسير ابن عطية ١٠ / ٤.
(٢٠) هو النحاس. فإنه قال ردا على ما قال الزجاج (وهذا وجه بعيد ، والقريب أنه منصوب على المصدر أو مفعول من أجله) إعراب القرآن : ٣ / ٣٢.
(٢١) البحر المحيط ٦ / ٢٢٥.