وجعل ما ظاهره أنه جملة واحدة جملتين (١). وحكى أبو البقاء عن الأخفش والكسائي (٢) أن مفعول «ننزعنّ» : «من كلّ شيعة» و«من» مزيدة ، قال : وهما يجيزان زيادة «من» في الواجب (٣)» (٤) ، و«أيّهم» استفهام أي : لننزعنّ كلّ شيعة (٥).
وهذا مخالف في المعنى تخريج الجمهور ، فإنّ تخريجهم يؤدي إلى التبعيض ، وهذا (٦) يؤدي إلى العموم ، إلّا أن (٧) يجعل «من» لابتداء الغاية لا للتبعيض فيتفق التخريجان ، وذهب الكسائي إلى أنّ معنى «لننزعنّ» لننادينّ ، فعومل معاملته ، فلم يعمل في «أيّ» (٨). قال المهدوي (٩) : «ونادى» (١٠) يعلق إذا كان بعده جملة نصب ، فيعمل في المعنى ولا يعمل في اللفظ (١١). وقال المبرد (١٢) : «أيّهم» متعلق ب «شيعة» فلذلك ارتفع (١٣) ، والمعنى من الذين تشايعوا أيهم أشد ، كأنهم يتبادرون إلى هذا (١٤). «ويلزمه على هذا» (١٥) أن يقدر مفعولا ل «ننزعنّ» محذوفا (١٦) وقدر بعضهم في قول المبرد : من الذين تعاونوا فنظروا (١٧) أيهم(١٨).
قال النحاس (١٩) وهذا قول حسن (٢٠). وقد حكى الكسائي تشايعوا بمعنى
__________________
(١) البحر المحيط ٦ / ٢٠٨.
(٢) تقدم.
(٣) جمهور النحويين على زيادة (من) بشرطين : أولهما : أن يكون مجرورها نكرة.
ثانيهما : أن يكون في سياق النفي. نحو قوله تعالى : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ) [مريم : ٩٨] ، وقوله تعالى : هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ [فاطر : ٩٧]. وقد أجاز كل من الكسائي والأخفش زيادة (من) في الواجب وغيره والنكرة والمعرفة حيث قالا بزيادة (من) في قوله تعالى : (فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها) [البقرة : ٦١] ، وفي قوله تعالى : و (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) [نوح : ٤] وفي قوله تعالى : (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) [الحج : ٢٣] ، وردّ الجمهور بأنه يمكن حمل (من) في الآيات ونحوها على أنها للتبعيض.
ابن يعيش ٨ / ١٢ ـ ١٤ ، شرح الكافية ٢ / ٣٢٢ ـ ٣٢٣ ، المغني ١ / ٣٢٢ ـ ٣٢٥ ، الهمع ٢ / ٣٥.
(٤) ما بين القوسين سقط من ب.
(٥) التبيان ٢ / ٨٧٨.
(٦) في ب : هذا.
(٧) في ب : الآن. وهو تحريف.
(٨) تفسير ابن عطية ٩ / ٥٠٩ ، البحر المحيط ٦ / ٢٠٨.
(٩) تقدم.
(١٠) ما بين القوسين بياض في ب.
(١١) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٠٨.
(١٢) تقدم.
(١٣) في ب : رفع.
(١٤) لم أعثر على ما قاله المبرد في الكامل والمقتضب ، وهو في تفسير ابن عطية ٩ / ٥٠٩ ، البحر المحيط ٦ / ٢٠٨.
(١٥) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٦) القائل بهذا ابن عطية. تفسير ابن عطية ٩ / ٥١٠.
(١٧) في ب : فنظروا في.
(١٨) مشكل إعراب القرآن ٢ / ٦٢ ، البحر المحيط ٦ / ٢٠٧.
(١٩) تقدم.
(٢٠) إعراب القرآن ٣ / ٢٥.